ننتظر تسجيلك هـنـا

 

 

 


رهين الشوق


العودة   منتديات رهين الشوق > {.. المُنْتَديـآتْ الأدبِيـہْ .. > ملتقى القصص والروايات

ملتقى القصص والروايات بـِداخلي روَاية .. طويله , قصيره TxT قـِصَّـة مِـنْ ريحِ ألفِ ليلـَة وليـْلة..هنا خيال الراوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-08-16, 03:56 AM   #11


الصورة الرمزية دفا قلبي
دفا قلبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 136
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 2013-01-03 (03:34 AM)
 المشاركات : 3,760 [ + ]
 التقييم :  566
 SMS ~
عندما ادركت ان قلبي هو اغلى مااملك
اقسمت على ان لااعطيه الا من يجعله اغلى مايملك
لوني المفضل : Orchid
افتراضي رد: أميرة السكّر ... نجيب كيالي...



الحمار العجوز




شاخ حمار (سلطان)، وصارت الأحمال تسقط عن ظهره بين فترة وأخرى.

سلطان - وهو رجل قاسٍ- يضرب الحمارَ من أجل ذلك متناسياً شيخوختهُ، وخدماتِهِ القديمة!

الحمار ينظر إلى وجهه في سطل الماء، ويقول:

"أسفاً على شبابي وطفولتي! في الشباب كنتُ بطلَ الحمير في القوة والعمل، وفي الطفولة كنتُ ألعب مع أمي على البيدر، فيركض وراءنا الأولاد، ويغنون:





حمارنا صغيرْ
وذيله قصيـرْ
لكنه رشيـقْ
يكاد أن يطيرْ"


يشرب الحمار قليلاً من الماء، ثم يعود إلى التفكير:

"لكنني لا يجوز أن أستسلم للشيخوخة والمرض".

لم يكن الحمار –رغم عمره الطويل- قد تخلَّصَ من الخجل، أو اعتاد الاعتماد على نفسه في المسائل المتعلقة بحقوقه، لذلك سار إلى الديك (طَنْطَنْ)، وهذا يعيش معه، إضافةً إلى الخروف والبقرة في مزرعة الفلاح. قال الحمار:

-أنت فصيح يا طنطن، وصوتك جميل، اذهب إلى صاحبي سلطان، وقل لـه: أن يخفف لي ساعات العمل، ويُحسِّنَ العلفَ، فلعل صحتي تتحسن، وأَخْبِرْهُ أنني أتألم أكثرَ منه لسقوط الأحمال.

أجاب طنطن، وكان مغروراً:

-أنا لستُ خادماً عند الحمير! ثم ألا تتذكر أنك منذ مدة، كدتَ تدوسني بقوائمك؟!

-سامحك الله يا طنطن. ألم تنتبه إلى أن الغلط يومئذ كان من سلطان الذي وضع على ظهري حملاً ثقيلاً، وراح يضربني بالعصا لأسرع، فما عدتُ أرى طريقي؟!

ثم أسبل الحمارُ جفنيه حزيناً، وتابع:

-كيف تشكُّ في محبتي أيها الديك الجميل؟ وأنا كم سمحتُ لك أن تقف على ظهري، وفوق رأسي، وكأنك تاج لي!

انتهز طنطن إسبالَ مُحدِّثه لجفنيه، فتسلل مبتعداً، ولما فتح الحمار عينيه، ولم يجده، تأوَّه، ومضى إلى الخروف عارضاً عليه ما عرضه على الديك.

كان الخروف صغيراً طائشاً، لذا فَهِمَ عكسَ ما طلبه منه الحمار، فقال له:

-تريدني أن أذهب إلى سلطان، وأطلب منه أن يزيد لك الأحمال، ويقلل العلف؟

لو لم يكن الحمار صابراً لوبَّخَ الخروف، لكنه اكتفى بنظرة لوم، ومضى إلى البقرة.

استقبلته هذه أحسنَ استقبال، حتى أنَّ حنانها ذكَّره بأمه، وقد سألتْهُ:

-ماذا يؤلمك أيها الحمار العزيز؟

شرح لها الحمار أن ركبتيه تؤلمانه، فأخذتْ تمرُّ برأسها فوقهما لتدليكهما، لكنها اعتذرتْ عن نقل كلامه إلى الفلاح، لأنَّ صوتها لـه خَنَّةٌ في الحالة الطبيعية، فكيف وهي الآن مصابة بالرشح!

لم يبق أمام الحمار إلا أن يعتمد على نفسه. سار إلى السلطان الذي كان في آخر المزرعة، وما إنْ اقترب منه، وحرَّك فمه حتى أدركَ سلطان من عينيه ما يريده، فوثب صائحاً:

-ألم يكفك رميُ الأحمال، فجئتَ لتعضني! أنا سأؤدبك أيها الحمار المتوحش!

في اليوم الثاني سحب الفلاح حماره إلى السوق وباعه، وعند البيع قرأ في عينَيْ الحمار هذه العبارة:

-أنت أيضاً ستشيخ يا سلطان.

ولكنه لم يهتم بها.

بعد مدة مرض سلطان، وكان قد تجاوز الستين من عمره، وصار وحيداً في المزرعة، لأن زوجته تركته لسوء أخلاقه، أما حيواناته الأخرى فباعها، ولما اشتد عليه المرض، راح يصيح:

-أَيْ.. أَيْ.. أنا عجوز.. أنا مريض. تعالوا ساعدوني.

لكنَّ أحداً لم يسمعه سوى جدران بيته التي تقشَّرَ دهانها، وصارت كوجوهٍ مرعبة تنظر إليه.



 
 توقيع : دفا قلبي

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


رد مع اقتباس
قديم 2009-08-16, 03:59 AM   #12


الصورة الرمزية دفا قلبي
دفا قلبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 136
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 2013-01-03 (03:34 AM)
 المشاركات : 3,760 [ + ]
 التقييم :  566
 SMS ~
عندما ادركت ان قلبي هو اغلى مااملك
اقسمت على ان لااعطيه الا من يجعله اغلى مايملك
لوني المفضل : Orchid
افتراضي رد: أميرة السكّر ... نجيب كيالي...



الثوب الذي تحبه الفراشات






كان ياما كان، في قديم الزمان، صبيَّةٌ سمراء، اسمها: (لينة). عندما جاء فصل الربيع، صارت الفراشاتُ تترك الأزهارَ، وتقف على ثوبها!‏

تعجَّبَ الناس من منظرها الجميل، وحسدوها، فقال بعضهم:‏

-ما أغبى الفراشات! ألم تجد غيرَ هذه البنت الفقيرة السمراء لتقف على ثوبها؟!‏

وقال آخرون:‏

-هذا سِحر.. الصبيّة تعيش وحيدةً مع جدتها بعد أن مات أبواها، ولا بد أنَّ الجدةَ صنعتْ لها ثوباً مسحوراً.‏

وقال رجل أصلع وهو ينظر حزيناً إلى رأسه في المرآة:‏

-آه لو أن الفراشات تترك ثوبها، وتغطي صلعتي.‏

كثيرٌ من الصبايا شعرن بالغيرة، فرحن يسرن وراءها في الطريق حاملاتٍ مراوحَ كبيرة، يحركنها بشدة، لعل الفراشات تغادر ثوبها، لكن الفراشات كانت ترفرف بأجنحتها، ولا تطير، فيزداد غيظهن!‏

أما لينة، فكانت ترى تصرفات الصبايا نحوها، وتسمع الأقاويل من جدتها، تنقلها إليها بعد مشاويرها في الشمس الدافئة، فتضحك البنت، وتضحك وهي تعمل في تطريز القماش. أحياناً تحمل قطعة القماش التي تطرزها، وترقص بها على أنغام لسانها: (تر لي لي لم.. تر لي لي لم).‏

أنهت لينة رقصها في إحدى المرات، فقالت لها جدتها:‏

-أما آن الأوان لنخبر الناس بالحقيقة؟‏

-الحقيقة أمامهم يا جدتي، ولكنهم لا يرونها! الحسد عطَّلَ عقولهم!‏

ازدادت في الأيام التالية حيرة أهل المدينة، وازداد تعلُّقُ الفراشات بثوب الصبية، فقيل: إنها صارت تدخل معها إلى البيت! وقيل أيضاً: أخذت فراشاتٌ أخرى تتزاحم على زجاج شبابيكهم محاولةً الدخول، فبدتِ الشبابيكُ كأنها تحفٌ مطلية بالفَراش!‏

وقالوا: إنَّ من لم ير الصبيةَ وثوبها وفراشاته كان يترك عمله عند الصباح وينتظر قريباً من بيتها حيث اعتادت أن تخرج لتأتي بالخبز.‏

وفي أحد الأيام وقع أمر خطير جداً: كان طباخ الملكة بين المنتظرين، وصادف أن تأخرت البنت في خروجها، فطال انتظاره وطال، وحينما عاد إلى القصر لم يستطع أن يقدّم الغداء لسيدة البلاد في الوقت المحدد! ولم يستطع أمامها إلا أن يعترف بغلطته ومكان غيابه، فصاحت بحراسها:‏

-هاتوا لي حالاً هذه البنت التي تريد تعطيل الأعمال، وتخريب البلاد!‏

عندما وقفت لينة أمام الملكة تبخَّر نصف غضبها، وهي ترى ثوبها المطرَّز بالفراشات، لكنها صاحت:‏

-قولي الحقيقة أيتها الخبيثة. هل أنتِ ساحرة أم مخرِّبة؟‏

لم تفقد البنت شجاعتها وهي ترد:‏

-أنا مجرد فتاة تحب التطريز، وإني بارعة فيه يا مولاتي.‏

-التطريز! وما علاقته بالفراشات؟!‏

التقطت لينة بلطف شديد إحدى الفراشات من جناحيها، ورفعتْها عن الثوب، فظهرتْ تحتها زهرةٌ رائعة خطفتْ بصرَ الملكة، وعقلها، حتى تمنت لو أنها فراشة لتقف على تلك الزهرة! ثم تمتمت بذهول:‏

-يا الله! تقصدين أن هذه الزهرة من تطريز يديك، وأن الفراشة تتشبث بها لشدة جمالها؟!‏

-بكل تواضع، نعم يا مولاتي.‏

-غير معقول! أنتِ في حدود الخامسةَ عشرةَ، ولدينا في المملكة عاملات تطريز أكبر منك سناً، ولكنهن يعجزن عن تطريز زهور كهذه! اقتربي لأنظر إلى أناملك.‏

أطلقت لينة الفراشة، ومدت أناملها، فقالت الملكة وهي تتأملها:‏

-أنامل عادية! بل إنها نحيلة جداً! هل تدخلين فيها الخيوط، وتستعملينها بدل الإبرة؟!‏

تجاهلت البنت سخرية الملكة، وأوضحتْ بأدب أن المهارة في حركة الأنامل، لا في ضخامتها، وأنها تعلمت الصنعة من جدتها عندما كانت أقصرَ من شتلة الورد، لذا تفوقت على الجدة نفسها، وذكرتْ أيضاً أنها تطرز الأزهار، وكأنها تلعب معها، وهي تحاول دوماً أن تبتكر زهوراً ليست موجودة في بساتين الناس، ولكنها موجودة في بستان خيالها.‏

وقفت الملكة فجأة، وهتفتْ:‏

-كفى أيتها الصبية. كلامكِ أكبر من سنك! لن أصدقك حتى أمتحنك. إذا نجحتِ في الامتحان جعلتكِ أميرةً على سوق القماش والمطرَّزات. لا يبيع التجار شيئاً، ولا يشترون إلا بأمرك، وإذا أخفقتِ سلمتكِ إلى الجلاد.‏

شعَّ الحماس في عيني الصبية، فقالت وكأن قلبها لا يعرف الخوف:‏

-أنا جاهزة. ما هو امتحانك يا مولاتي؟‏

-اسمعي: بلغني البارحة أجمل خبر: لقد انتصر زوجي ملك البلاد بهمة جنودنا وشجاعتهم على الأعداء الذين احتلوا خمسَ مدن في الجهة الغربية من بلادنا، وهو الآن يبني ما دمرته الحرب، أما عودته إلينا، فستكون بعد سنة. أي في فصل الربيع القادم، أريدك أن تطرزي لي ثوباً رائعاً تقف الفراشات على أزهاره لألبسه في يوم العودة.‏

انحنت البنت قائلة:‏

-بكل سرور يا مولاتي، وأنا مستعدة أن أعطي خبرتي للراغبات فيها لنصنع أثواباً رائعة للجميع.‏

حين عاد الجيش المنتصر والملك على رأسه وجدوا الفَراش في استقبالهم على ثوب الملكة، وعلى أثواب صبايا المدينة، فتضاعف الفرح، وعرف من لم يعرف سرَّ الفراشات التي كانت تقف على ثوب الصبية الصغيرة، فهتف الجميع لبراعتها، كما هتفوا لعيد النصر، وبدءاً من ذلك اليوم صارت أميرةً على سوق القماش.



 

رد مع اقتباس
قديم 2009-08-16, 04:00 AM   #13


الصورة الرمزية دفا قلبي
دفا قلبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 136
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 2013-01-03 (03:34 AM)
 المشاركات : 3,760 [ + ]
 التقييم :  566
 SMS ~
عندما ادركت ان قلبي هو اغلى مااملك
اقسمت على ان لااعطيه الا من يجعله اغلى مايملك
لوني المفضل : Orchid
افتراضي رد: أميرة السكّر ... نجيب كيالي...



كيف تحوَّل النمر إلى قط؟






في الزمان القديم جاع النمر، فاقترب من بيت على أطراف الغابة، نظر من خلال السياج، فرأى في الحديقة طفلة حلوة تلعب، قال لنفسه:‏

-هذه الطفلة وجبة فطور مناسبة لي، لكنْ من أين أدخل إليها.. من أين؟‏

كان وجه الطفلة مدوَّراً كالمرآة، ولها ضفيرتان تتأرجحان كلما نطّتْ كغصنين طريين.‏

انتبهت الطفلة إلى وجود النمر، فدنتْ من السياج، وقالت له:‏

-صباح الخير. ماذا تريد أيها النمر الحلو؟‏

قال النمر:‏

-بصراحة أنا جائع.‏

أسرعت الطفلة إلى داخل البيت، وعادت بكمية من الطعام، قدَّمتها للنمر من خلال أسلاك السياج.‏

بينما كان النمر يأكل بشراهة مدت الطفلة يدها، فمرَّتْ بها على فروه الأصفر الجميل، ثم أخرجت رأسها وقبّلته في جبينه.‏

تعجب النمر من جرأة الطفلة، وهمس في نفسه:‏

-يا لها من بنت غبية، مجنونة! ألا تخاف أن ألتهمها مع طعامي؟!‏

شبع النمر، وانصرف، وفي الطريق شعر بإحساس جميل من حنان الطفلة، وصل إلى البحيرة، نظر إلى وجهه، فرآه سعيداً، نزل إلى الماء، فاغتسل من الغبار وآثار الطعام، ثم تمدد تحت شجرة مستمتعاً بزقزقة العصافير لأول مرة في حياته.‏

جاع النمر في يوم آخر، فأسرع نحو بيت الطفلة والشر في عينيه، وراح يقول لنفسه في الطريق:‏

-سآكلها.. سآكلها. الغذاء أهم من القبلات.‏

استقبلت الطفلة النمر كالمرة الأولى، فأطعمته، وقبلته في عنقه، ومسحت بيدها على ذراعه، فوجد نفسه يخجل من مخالبه، ويحاول إخفاءَها.‏

من يومئذ كثرت زيارات النمر للطفلة حتى ولو لم يكن جائعاً، وكان في كل لقاء يزداد رقة معها حتى سمح لها بملاعبته، ونطّ أمامها ذات يوم، وكأنه يرقص.‏

بعد زيارة من زيارات النمر لصديقته تمدد عند الماء، وتذكَّر معاملة الطفلة لـه وقبلاتها البريئة، فأحس بسعادة تغمره. نظر إلى البحيرة فتراءت لـه خطوط بيضاء موزَّعة فوق جلده الأصفر بدلاً من الخطوط السود التي كانت من قبل على جلده، انتفض منزعجاً، وقال:‏

-آه من تلك الطفلة. لقد شوَّهتني! سأذهب الآن لأكلها.‏

في طريقه رأته نمرة حلوة، فنظرتْ إلى جلده معجبةً به، وسألته:‏

-يا صديقي أخبرني كيف صار جلدك جميلاً هكذا؟‏

ابتسم النمر فرحاً وقد تبدَّل مزاجه، فصاح:‏

-هذه قبلات صديقتي الطفلة.. قبلات.. قبلات!‏

يقال بأن ذلك النمر ذهب إلى البنت الصغيرة، وسكن عندها في الحديقة، وصار له أولاد بعد أن تزوج من النمرة التي أُعجبت بجلده.. أولاد أصغر منه حجماً، وألطف، يسكنون في البيوت لا في الغابات، وجلودهم عليها بقع بيضاء، سمّاهم الناس القطط.‏



 

رد مع اقتباس
قديم 2009-08-16, 04:10 AM   #14


الصورة الرمزية دفا قلبي
دفا قلبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 136
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 2013-01-03 (03:34 AM)
 المشاركات : 3,760 [ + ]
 التقييم :  566
 SMS ~
عندما ادركت ان قلبي هو اغلى مااملك
اقسمت على ان لااعطيه الا من يجعله اغلى مايملك
لوني المفضل : Orchid
افتراضي رد: أميرة السكّر ... نجيب كيالي...



المجنونة






تسمي أمي تلك الشجرة بهذا الاسم الذي لا أحبه: ((المجنونة))! وبدلاً من أن تخاف منها كما يخاف الناس من المجانين تحبها جداً، ولا تشبع من النظر إليها!‏

ربما كان الحق مع أمي، فأنا أيضاً أحب هذه الشجرة التي تشبه أوراقُها أوراقَ شجر الليمون، لكنها أصغر حجماً. أما أزهارها فكثيرة.. كثيرة. تتألف كلٌّ منها من ثلاث وريقات بنفسجية اللون تتجمَّع على شكل جرس في وسطه ثلاث أو أربع زُهَيْرات صفراء كأنها أفواه صغيرة تضحك!‏

كانت أمي تتحدث عنها البارحة لضيوفنا، فسألتها:‏

-ماما.. لماذا تسمين هذه الشجرة الجميلة بهذا الاسم القبيح؟‏

قالت: غداً أعطيك الجواب.‏

الآن أنا وأمي في حديقة المنزل نقف تحت الشجرة المجنونة، وها هي أمي تقول:‏

-أسميها المجنونة لا لأنها ضربتْ زميلاتها من الأشجار، أو عضَّتْها، أو قامت بأفعال شاذة غريبة. إنها –كما ترى- لطيفة هادئة، لكنني اخترتُ لها هذا الاسم لكثرة أزهارها، فهي بالمئات والآلاف. إنَّ الجنون هو تجاوز الحد يا ولدي، وهذه الشجرة تتجاوز الحد، فتعطينا أزهارها بجنون!‏

تضحك أمي، وأضحك معها قائلاً:‏

-ماما.. أحبك بجنون، وأحب شجرتك المجنونة.‏



 

رد مع اقتباس
قديم 2009-08-16, 04:11 AM   #15


الصورة الرمزية دفا قلبي
دفا قلبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 136
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 2013-01-03 (03:34 AM)
 المشاركات : 3,760 [ + ]
 التقييم :  566
 SMS ~
عندما ادركت ان قلبي هو اغلى مااملك
اقسمت على ان لااعطيه الا من يجعله اغلى مايملك
لوني المفضل : Orchid
افتراضي رد: أميرة السكّر ... نجيب كيالي...



أميرة السُّكَّر





جاء بائع الألعاب إلى دكانه بدمية جديدة، اسمها: ((أميرة السكَّر))، وضعها على رفٍّ جميل في صدر الدكان.‏

على الرف المقابل اصطفَّتْ دمى كثيرة للنمر، والدب، والببغاء، وغيرها.‏

نظرتْ هذه الدمى إلى أميرة السكّر، فشعرتْ بالغيظ. قال النمر:‏

-أكاد أُجَنُّ.. لماذا يضعها البائع على رف وحدها؟! هل هي أحسن منا؟!‏

قال الدب ساخراً:‏

-طبعاً أحسن.. فهي دمية جديدة تلبس ثوباً أبيض، ونحن دمى قديمة، وألواننا باهتة.‏

ردد الببغاء الجزءَ الأخير من كلام الدب:‏

-نحن دمى قديمة، وألواننا باهتة.‏

ازداد غيظ النمر، فلكز الببغاءَ قائلاً:‏

-اخرسْ.‏

أثناء النهار تضاعفَ غضبُ الدمى من الأميرة، فالأطفال الذين دخلوا إلى الدكان مع أمهاتهم كانت عيونهم تتعلق بها، ولا تنظر إليهن!‏

كانت الأميرة لا تكفُّ عن الابتسام، وكلَّ خمس دقائق تمدُّ يدها اليمنى إلى الأمام، وترمي سُكَّرة.‏

خلال ساعات فقط انتشر خبر الأميرة بين كثيرٍ من أطفال المدينة، فصاروا يحضرون بالعشرات لرؤيتها، وقد رفض صاحب الدكان أن يبيعها، لأنه لا يملك منها دميةً أخرى. إنها للدعاية –كما قال- وفي الأسابيع القادمة ستأتيه أعداد منها، فيستطيع الراغبون عندئذٍ أن يحصلوا عليها.‏

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل حدث شيء آخر: تضايق البائع من كثرة الأطفال القادمين إلى دكانه، فمنعهم من الدخول، لكنَّ ثلاثةً منهم رجَوْه، وألحوا، فسمح لهم أن يدخلوا مدة عشر دقائق. أثناء وجودهم مدت الدمية يدها، ورمتْ سكَّرة، فقفز الثلاثة في الهواء، ولما أمسكها أحدهم هتف الآخران:‏

-هييه يا أميرة.. واحدة لي.. واحدة يا حلوة.‏

قال الدب بعد أن رفع مؤخرته الثقيلة، وخَبَطها على الرّف، فكاد ينكسر:‏

-اسمعوا.. ها هم يهتفون لها!‏

ردد الببغاء:‏

-اسمعوا.. ها هم يهتفون لها!‏

ارتفعت أصوات الدمى كلها:‏

-هذه إهانة لنا جميعاً!‏

عادت إلى الدب روحُ السخرية، فقال:‏

-في الليل سأضغط عليها بمؤخرتي، فأجعلها مثلَ هريسة اللوز!‏

هزَّ النمر رأسه قائلاً:‏

-سأترك لك أمرها، فأنا لا أهتم بهذه الفرائس الصغيرة.‏

عندما اقترب الدب منها ليلاً لم تخف منه كما توقَّع، لكنها قالت:‏

-مرحباً.‏

ورمتْ سكَّرة، فالتقطها بقائمته الأمامية، وقال لنفسه: ((تضحك عليَّ بهذه الهدية!))‏

اقترب منها أكثر والشر في عينيه، لكنَّ شيئاً جمَّده في مكانه قبل أن يصل إليها.. إنه نور ابتسامتها الحلوة.. نورٌ لطيف كأشعة القمر يضيء ظلام الدكان!‏

في تلك اللحظة رمتْ سكَّرةً ثانية على رقبته، فدغدغتْهُ، فتعجب من نفسه إذ وجد أنه يشعر ببعض المرح، ولا يدري إن كان وجهه قد ابتسم للأميرة!‏

الغريب أكثر أنه جلس أمامها كطفل، وقال:‏

-أرجوك أيتها الجميلة احكي لي حكايتك.‏

رمتِ الأميرةُ السكّرة الثالثة، وبدأت تتكلم:‏

-أنا مجرد دمية صنعوني على شكل أميرة رائعة عاشت في الزمان القديم اسمها (لؤلؤة). كانت وحيدةَ أبويها، وكان والدها حاكمَ مدينة وراء البحر، يعمل أهلها في استخراج الذهب، لكنَّ رجاله كانوا يستولون على القسم الأكبر من ذهبهم، وينقلونه إلى خزائنه.‏

عندما دخلت لؤلؤة المدرسةَ في طفولتها خافتْ منها التلميذاتُ والتلاميذ، وتوقعوا أن تستولي على أدواتهم، لكنها راحت توزِّع السكاكرَ على الجميع، فبدؤوا يحبونها، ومع مرور الأيام كبرتْ، فقال عنها أهلُ المدينة:‏

((لؤلؤة لا تشبه أباها)).‏

((لؤلؤة زهرة في أرض الشوك)).‏

((لؤلؤة تشبه أمها الطيبة)).‏

وذات يوم ثار أهل المدينة على أبيها، وقتلوه، ولما صارت أميرةً في مكانه طالبتها أمها بالثأر له، فقالت:‏

-طبعاً سأثأر.. قسماً سأثأر.‏

في الحقيقة كانت أمها تكره قسوةَ أبيها، لكنها حزنتْ لقتله، فدعتها لتثأر له.‏

خاف الناس من الأميرة التي أحبوها حينما علموا أنها مصممة على الثأر، وفي أحد الأيام مرَّ موكبها في شوارع المدينة، فإذا بها شبه خالية! توقف الموكب في الساحة الكبيرة، وأمرت الأميرة مناديها أن يدعو الناس إلى الخروج، لكنَّ أحداً منهم لم يفتح باب بيته، عندئذ قالت لجنودها:‏

-هيئوا المدافع.‏

كان أهل المدينة يراقبون من وراء النوافذ، فقالوا:‏

-إنَّ لؤلؤة مثل أبيها، وقد خدعتنا زمناً طويلاً!‏

لكنّ انفجار الطلقات أحدث مفاجأة كبيرة! صاحت امرأة:‏

-السماء تمطر حلوى!‏

وصاح رجل:‏

-إنها سكاكر.. سكاكر!!‏

انفتحت الأبواب والنوافذ كلها، وخرج الكبار والصغار يلتقطون هدايا الأميرة التي وضعتها في المدافع بدلاً من القذائف، ثم انطلقوا نحوها يهتفون:‏

-عاشت لؤلؤة.. عاشت أميرة السكَّر.‏

بدءاً من ذلك اليوم نما حبهم للأميرة كما تنمو الأشجار تحت أشعة الشمس، فقد فتحتْ لهم خزائنَ البلاد، وأتاحت لهم فرصَ العمل، وأخذت ترسل للفقراء منهم كلَّ ما يحتاجونه مع السكاكر: طعاماً وسكاكر.. ملابسَ وسكاكر.. كتباً للثقافة وسكاكر!‏

لكنَّ أمها غضبتْ ذات مساء، وسألتها:‏

-لماذا لم تثأري لأبيك يا لؤلؤة؟‏

قالت لؤلؤة:‏

-لقد ثأرتُ يا أمي.‏

-كيف؟!‏

-قتلتُ الحقد في القلوب، وزرعتُ مكانه الحب.‏

صاح الدب:‏

-فعلاً إنها أميرة رائعة!‏

التفت حوله، فرأى الدمى الأخرى قد اقتربتْ، ويبدو أنها سمعت الحكايةَ كلَّها، فهتف الجميع:‏

-عاشت أميرة السكر.‏



 

رد مع اقتباس
قديم 2009-08-16, 04:12 AM   #16


الصورة الرمزية دفا قلبي
دفا قلبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 136
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 2013-01-03 (03:34 AM)
 المشاركات : 3,760 [ + ]
 التقييم :  566
 SMS ~
عندما ادركت ان قلبي هو اغلى مااملك
اقسمت على ان لااعطيه الا من يجعله اغلى مايملك
لوني المفضل : Orchid
افتراضي رد: أميرة السكّر ... نجيب كيالي...



تمـــــــــــــــت


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أميرة, السكّر, نجيب, كيالي...


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يا أميرة...؟ عاشق الج ـنوب بج ـنون بوح الخواطر ونبض الإحساس 0 2010-02-13 11:18 AM
إذا وجدت هذه الأشياء فيك فأنت تحب ... !!!! ~همسة~حب~ بوح الخواطر ونبض الإحساس 8 2009-11-06 05:06 PM
لعبة أمير أو أميرة المنتدى عند الرقم 7 روحي تحبكـ ~//.. الالعاب والمسابقات 50 2009-09-30 08:03 PM
مبروك الألفيه الأولى يا*أميرة الورد* أسير الأحزان oO التهاني والتبريكات 13 2009-05-27 04:37 AM


الساعة الآن 04:27 AM

أقسام المنتدى

{.. المُنْتَديـآتْ العآمـہْ .. @ ~//.. مساحه بلا قيود @ ~//.. نور القلوب @ ~//.. مواضيعنا المتميزه @ ~//.. أحداث 24 ساعة @ {.. مُنْتَديـآتْ الترحيب والتهْـآنـي.. @ oO الريسبشن @ oO التهاني والتبريكات @ {.. حواء & آدم وعالمهما الخاص .. @ ~//.. ملتقى الاسره والطفل @ ~//.. حواء والاناقه GiRLs ♡ CoRnEr @ ~//.. مطبخ رهين الشوق @ ~//.. ملتقى الأثاث و الديكور @ {.. المُنْتَديـآتْ الأدبِيـہْ .. @ ملتقى شعراء رهين الشوق @ بوح الخواطر ونبض الإحساس @ همس المشاعر @ ملتقى القصص والروايات @ {.. الريـآضـہْ والشَبَـآبْ .. @ صدى الملآعب .. @ عالم السياراتـ والدراجاتـ الناريهـ @ {.. رحلہْ لصفآء آلذهن وِآلرِوِح .. @ ~//.. استراحة رهين @ ~//.. الالعاب والمسابقات @ {.. رهين للتقنية والتكنولوجيا .. @ ▌▌ الجرافيكس والتصميم G . я . a . p . h . i . x ₪•< @ •₪ ملتقى الايفون - iPhone - اي باد - جالكسي Samsung Galaxy₪• @ ~//.. youtube - يوتيوب 2016 @ ~//.. الألبوم @ {.. المُنْتَديـآتْ الإدارٍيـہْ .. @ ๑° للإقـتـراحـات والطلبات وتغيير المعرفات ๑° @ ||خاص بالمشرفين @ || خيانة أقلام @ ~//.. ملتقى الكمبيوتر والبرامج @ ~//.. عيادات الشوق - الطب والصحه @ ~//.. النقاش والحوار العام @ ~//.. м . ş . ή @ ღ♥عالـــ آدم ــــــــــم♥ღ @ ~//.. ملتقى الرسائل MMS ♥ SMS @ ~//.. احلى انمي @ ~//.. كرسي الاعتراف @ ~//.. يوميات عضو/هـ @ همسات أهل الشوق @ ๑° الـخـيـمـه ۩ الـرمـضـانـيـه ๑° @ صوتيآت ومرئيآت إسلاميه @ أندمآج آلآروآح @ ~//.. خاص بالرسول الكريم وأصحابه الكرام @ ~//.. حول العالم @ ▌▌ خلفيات بلاك بيري 2016 , رمزيات و برامج بلاك بيري BlackBerry @ ~//.. مسابقاتنا وفعالياتنا @ طور ذاتك @ {.. مُلتقى الأحبة للأسهم السعودية.. @ ~|.. المتابعة اليومية @ ~|.. سلوك الأسهم @ ~|.. التحليل الفني @ أرشيف المتابعة اليومية @ خاص للمحللين @ ~//..مدونة معلمات المتوسطة الخامسة @ ~//.. شاشة الأفلام والسينمآ @ ~//.. تعليم اللغة الإنجليزية English Course @ ~//.. وظائف - وظائف حكوميه - وظائف مدنيه - حافز @



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
*جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ... ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر رهين الشوق