النبضه الأخيره

كانت تعيش في كوخ صغيربقرب النهر بين الاشجار الشامخه والغصون الوارفه ..دائما تتنزه وتتسلق ..وتركض وفي قرارة

نفسها تعلم أنه سيأتي اليوم الذي يتحقق فيه حلمها أن يمرهذا المكان زائر ..سيجعلها تشعربالسعاده وبجمال ذاك المكان

مرت فتره طويله وهي تحلم كل ليله أن يأتي ذاك الزائر الغريب وبينما هي كانت مستلقيه على ظهرها بجوار النهر جالت بنظرها

تجاهه اذابشيئ يطفو عليه قادما من بعيد...رفعت جسدها بتثاقل لتشاهدماهذا الشيئ اقترب منها أكثر واقتربت هي أيضا لتعلم

ماهيته؟

كان مستلقيا على بطنه رفعته وقلبته على ظهره لتفاجأبوجود كائن بشري معها في هذه الجزيره!

لشدة فرحتها ودهشتها استمرت تحدق به بضع لحظات ثم انتفضت وعادت للواقع اسرعت بجره وسحبه الى جانب النهر وأخذت

تضغط وبقوه على صدره محاولة اخراج مابداخله من ماء حاولت كثيرا لم تجدي محاولاتها..تعبت ...استلقت بجواره لشعورها

بالتعب والارهاق من جراء الانقاذالغيرمجديه...

اغمضت عيونها شعرت بصوت ضعيف وتمتمه لم تفهمها ؟نهضت والفرحه تعلو وجهها وكررت عملية الانقاذ ..وأخيرا استفاق

يا.........هـ ..ما أجمل الشعور بالتفوق بعد التعب

أخذيشير بيده وكأنه يقول أريد رشفة ماء ..أسرعت وجمعت بضع قطرات من الماء بين كفيها واقتربت من فاه لتسقيه أخذيرتشفها

بشراهه ثم رفعت رأسه على ركبتيهالكنه مازال مغمض العينين قالت في نفسها لعله فارق الحياه ...يالسوءحظي ..

جاءها صوت وكأنه دخل لأعماقها مابك! لاتخافي لم أمت شكرا لك أيتها الجميله ؟!

انتفضت ..جميله! لم تسمع أحدا يطريها أويناديها بهذا اللقب وكيف تسمع وهي تسكن منذأمد في هذه الجزيره بعد أن مات

والديها في تلك الرحله المشؤومه وتركاها لوحدها صغيره تصارع الحياه ..لاتعلم كيف الرجوع لموطنها فقد كانا عالما طبيعه كل

همهما الرحلات واستكشاف الطبيعه..ابتسمت وقالت من أين أنت؟ وكيف أتيت؟ ولماذا جئت؟!و.....فقاطعها مهلك.رويدك ماكل

هذه الأسئله ..!تلعثمت ثم صمتت لبرهه .

قال لها كنت مارا من هنا ..فاستوقفني المنظر فترجلت من سيارتي وبدأت أخطو بسرعه ولم انتبهه للمنحدر فزلقت قدماي وهويت

بالنهروفقدت الوعي والباقي أنتي تعلمين ماهو.

لكن لحظه...لحظه ..أنتي من أين أتيتي؟ هل أنتي حوريه !أم ملاك في هيئة بشر؟

ضحكت وبصوت مرتفع واستمرت في الضحك ...لم تسمع ضحكتها منذوقت طويييييييييل يالروعة ضحكتها وصداها الذي يتردد

في انحاء الجزيره ..

لم تتوقف حتى فاجأها صوته وهو يقول ما أجمل تلك الضحكه ..وماأعذب تلك البحه التي تكسو صوتك وتجعله مميزا..

خجلت كثيرا لكنها التزمت الصمت ..ثم أخذت نفس عميق وزمت شفتيها ثم أخبرته قصتها المؤلمه وحتى هذه الساعه

حمد الله أنهاكانت موجوده وشكرها على انقاذها له وامتن كثيرا لمافعلته من أجله

لم تستطع قول شيئ سوى كلمتين .الشكرمتبادل سيدي.

هبت قائمه كلمح البصر ثم مدت يدها نحوه فبادلهايدا بيد فشدته لينهض وعندالوقوف اصطدماكلاهماببعض ولامس جسده جسدها

الناعم فوجدت نفسها بين أحضانه لم تستسلم لأحلامها فجذبته من يده وقالت هيا معي لاشك أنك جائع ؟فضحك وقال لست جائعا بل

أنافي حاله يرثى لها من جميع الجهات ..هيا ولاتكثري الكلام.

أخذت بيده وهي تنحني تاره ..وتنعطف تاره أخرى حتى أطلا على كوخ صغير جميل المنظر..توقف مذهولا ..نظرت إليه بطرف

عينهاِ

وجرته ليدخل في الكوخ .. اجلسته على اريكه صغيره كانت قد صنعتها من جذع شجره ،

ثم اوقدت النار وجلبت من جوار الكوخ بعض الحشائش الصغيره والأوراق المخضره

وصنعت له طعاماً لم يستسغه في بداية الأمر لكنه كان مجبراً على اكله لشدة جوعه ..

التهمه بسرعه ثم القى بنفسه واستسلم للنوم .. نظرت اليه وتبسمة ثم غطته بوشاح كان معها

منذ فترة وجودها في هذه الجزيره .. وخرجت باحثه عن بعض الثمار ليتناولاها في

وقت العشاء ، استغرق مطولاً في النوم لم يستفق الا على صوت نقنقة الضفادع وحفيف الأشجار

سمع وقع خطى تقترب من الكوخ ،، شعر بوجل لكنه سرعان ما استدرك الأمر وتذكر تلك الفاتنه الجميله

فتح الباب وسمع صريره ... التفت نحوه واذا بتلك الملاك .. تبسم رغماً عنه اعجبه وقوفها بشموخ

القت عليه التحيه ثم اشعلت الموقد .. حتى يشع النور والدفء معاً في هذا الكوخ ..

اعدت وجبة العشاء ،، قدمتها له ونهضت محاولة الذهاب ليتناول عشاؤه لكنه امسك بيدها

شعرت بقشعريره تسري بسائر جسدها .. جذبها نحوه وقال لها ابقي لا تذهبي .. !!

دعينا نتناوله سوياً ، لم تمانع وبقيت لكنها شعرت بشيء لم تشعر به من قبل .. شيء جعلها تشعر بالفرح والنشوه من الداخل ..

انتهيا من تناول العشاء بقيا صامتان جال بنظره في انحاء الكوخ .. لمح صندوقاً مركون في احدى الزوايا .. استرعاه الامر كثيراً فسألها مالذي يوجد به ؟؟!

قالت انهاخر ما تبقى لها منذ وفاة والديها .. لكنها لم تجرؤ على فتحه رغم مرور السنين استأذنها بفتحه

وافقت على مضض فتحه بهدوء رفعه امور كثيره يحتويها ذاك الصندوق ،، صوره صغيره تضم والديها .. علبة سجائر وولاعه .. كوبان وشاي وسكر .. بضع قصاصات ورقيه .....

يآآآآآآآآه قالتها بألم وحسره ثم صمتت ، استغرب منها كثيرا لكنه حتما قدر موقفها واحترم مشاعرها ..

اتت فكرة ان يصنع لها كوبا من الشاي ليخرجها من حزنها وسرعان ما جلب الكوبان ووضعه امامها .. نظرت اليه فأشار لها بأن تتناوله وتتذوقه .. لم تتمالك نفسها مدة يدها وارتشفت الرشفه الأولى ثم الثانيه والثالثه .. هيه هيه ..... مهلك لم العجله ..؟

فضحكت وقالت : لم اتذوق الشاي منذ اكثر من عشرين عاماً .. كانت اخر مره استمتعت بشربه

مع والديً .. ونحن نتنزه هنا ثم اغرورقت عيناها بالدموع ، واضطرب الحديث بداخلها .. ولم تستطع ان تقاوم فأجهشت بالبكاء .. اتاها من الخلف وربت على كتفيها لكنها لم تتوقف بل أخذت الشهقات تتزايد ..

ولم يشعر الا واذا به يجذبها نحوه ويضمها لصدره وبقوه ويتمتم لم تنتهي الحياه مازال هناك بقيه !

انا هنا معك .... من اجلك ؟!

توقفت عن البكاء فجأه و أخذت تردد من اجلي !!من اجلي ! قالتها بصوت عالي من اجلي انا ؟! رفع رأسها نحوه ثم قال نعم ارسلني الله من اجلك

لتنقذيني ثم انقذك سنبقى سوياً .. ولن بفرقنا سوا القدر ..

بقيا لفتره سعيدين كصديقين مقربين .. يتسامران .. يضكان .. يلعبان .. لم تسعد مثل تلك الفتره لم تشعر بالامان الا معه ..

لم تعرف الحب الا بقربه ..

ذات مساء بينما هما جالسين بجوار بعضهما البعض جذبها نحوه لم تمانع اجلسها بحضنه وضعت رأسها على صدره .. واغمضة عينيها اراد ان يقول لها شيء مهم .. فصمت ، لكنها سألته بغنج مابالك ؟؟ هل هناك شي تريد قوله لي !

امال رأسها نحو ذراعه وهمس في اذنها اريد ان اخبرك شيئاً .. أحبك .... نطقها ثم رفع رأسه مسرعه يريد ان يعرف ردت فعلها ..

لكنها لم تحرك ساكناً .. نظر اليها وهي مغمضة العينين ،، هزها تبسمت وهي مغمضه وضمته بقوه

ثم قالت وانا ايضاً احبك احبك ياملاكي ... لم يستطع ان يتمالك نفسه من السعاده ضمها لصدره بقوه ثم ابعدها قليلاً ونظر في وجهها .. وكأنه ولأول مره يشاهد تقاسيم ذاك الوجه الطفولي البريء

وتلمسه بأنامله واستقرت انامله على شفاهها الورديه لم يستطع ان يحركها لكنها شعرت بالخوف والخجل فاستسلمت واغمضت عينيها ليطبع قبله حاره على جبيها ..

ثم مالبث ان اجلسها بأحضانه وقال غداً سنتزوج لنتمم سعادتنا ،، فرحت وبكت ثم قالت لا يوجد لدي اي ملابس سوا التي تراها علي وقد اصبحت رثه ..
فقاطعها لا يهم حبيبتي ما دمتي انتي من يرتديها .. اسعدها كثيرا كثيرا ..

استسلما للنوم ولكنها لم تنم بل تصنعت النوم لشدة فرحتها لم تصدق ان الاحلام سوف تتحقق

وانها ستعيش اخيرا بسعاده .. اتى الصباح نهض مسرعا للخارج نادته الى اين انت ذاهب قال لها :
سوف اعود لا تقلقي .. سأجلب بعض الثمار التي تصلح للأكل لنحتفل سوياً بليلتنا ..

فرحت وقالت اذا لا تتأخر ،، بقيت بالكوخ تنضفه وتزينه ببعض الزهور والغصون الخضراء ..

لم تنتبه لقد تأخر الوقت ولم يعد ..

قاربت الشمس على المغيب جلبت بعضاً من الأعواد اشعلت النار لم تصبر اتجهت نحو النهر لتجد ملاكها يطفو عليه مره اخرى ..

كيف حدث ذالك ولماذا ؟؟!

صرخت بكل ما اوتيت من قوه ورمت بنفسها بالنهر محاولة انقاذه جرته القته على ظهره ،،

جعلت تربت على صدره تضربه بقوه .. لكنه لا يستجيب .. بكت بكت بحرقه .. شعرت بشي

نظرت اليه اتجه بنظره نحوها قال لها احبك .. كانت تلك النبضه الاخيره ثم لفظ انفاسه من خلالها .. وبقيت هي تصارع الألم والحسره والوحده وسط الجزيره

بقلم // عاشقة الدموع ~ لا احلل النقل لا بذكر المصدر ولا بغيره