![]() |
|
![]() |
![]() |
|
ملتقى القصص والروايات بـِداخلي روَاية .. طويله , قصيره TxT قـِصَّـة مِـنْ ريحِ ألفِ ليلـَة وليـْلة..هنا خيال الراوي |
![]() |
#1 |
![]() ![]() ![]() |
![]()
البحيرة السوداء
شارلوت لامب عبير القديمة الملخص: " كنت اللعبة التي تسليت بها، أليس كذلك ؟لقد تجاهلت كل احتجاجاتي. واستغليتني بإحدى ألاعبيبك الصبيانية، ولكن يمكن لشخصين أن يشتركا في اللعبة...والآن حان دورك لتكون لعبتي! " دنزل بلاك مصاص دماء عاشق ينتقل من امرأة هددها اليأس الى أخرى أسيرة الحزن...وهو الان يتربص بأخت كلير، أم تراه يسعى الى كلير نفسها؟ ولكن كلير صممت هذه المرة على أن الاوان قد حان ليدرك هذا الرجل شعور من يقع ضحية للحبأليس كذلك ؟لقد تجاهلت كل احتجاجاتي. واستغليتني بإحدى ألاعبيبك الصبيانية، ولكن يمكن لشخصين أن يشتركا في اللعبة...والآن حان دورك لتكون لعبتي! " دنزل بلاك مصاص دماء عاشق ينتقل من امرأة هددها اليأس الى أخرى أسيرة الحزن...وهو الان يتربص بأخت كلير، أم تراه يسعى الى كلير نفسها؟ ولكن كلير صممت هذه المرة على أن الاوان قد حان ليدرك هذا الرجل شعور من يقع ضحية للحب غريب في البحيرة السوداء التقت كلير دنزل بلاك في اليوم الاول الذي وصل فيه الى البلده كان الفصل خريفا والاوراق على الاشجار قد اتخذت لونا زيتيا تارة وقرمزيا او خمريا تارة اخرى فيما السماء انصبغت بلون ارجواني عميق مائل الى الزرقة والجو انذر بعاصفة توشك ان تهب من الغرب. كانت الرياح تؤرجح نافذة الوكالة فتصدر جليبة عظيمة بينما لاتومض الا لتخبو مجددا تهجم وجه كلير وغمر القلق عينيها الزرقاوين وراحت ترجو الاينقطع التيار الكهربائي فجأة كعادته في مثل هذا الجو العاضف على أي حال من الافضل ان تعود الى منزلها لاسيما وان موعد الاقفال قد حان نهضت عن مكتبها وشرعت ترتدي معطفها وهي تبعد خصصلات شعرها الشقراء عن رقبتها. وفجأه انفتح باب المحل تاركا للريح حرية ان تتوغل في المكنب ففكرت كلير للحظة قبل ان ان تقول معتذرة بتهذيب :"انا اسفة ولكن الوكالة اقفلت ابوابها منذ برهة .الا تستطيع العودة غدا؟". ولما كانت قد اطفأت الانوار الرئيسية لم تستطيع ان تتبين جيدا الرجل الواقف في المدخل. لكن، وفي الظلام الخفيف الذي سيطر على المكان ، لاحظت انه طويل القامة اسود الشعر ،ويرتدي معطفا طويلا قاتما تتلاعب الريح بأطرافه وسمعته يقول بصوت عميق: - قرأت لوحة الاعلانات خارج المنزل الذي يقع في اعلى "هانتز هيل"... اعني ذلك البيت الواسع الفيكتوري الطراز الذي يتفرع عن الطريق.فهل مازال معروضا للبيع؟ تمتمت كلير ببطء ،وهي تحاول ان ــبين ملامحه في الظلال :" البحيرة السوداء" لكنها لم تر الا وميض عينيه اللتين واظبتا على التحديق فيها. وسرعان ماأجابت ،وهي تخنق قشعريرة غريبة سرت في جسمها :"نعمم ،مازال للبيع" ولم تجد سببا لهذا البرد الذي اجتاحها الا الريح .وعادت وركزت تفكيرها على المنزل القديم الواقع عند طرف البلدة .لقد مضى زمن طويل على عرضه للبيع ولم يلق مشتريا بعد ، ولعل ذثلك يعود الى ضخامته التي لا تناسب أي عائلة عادية. يمكن ان يحوله احد المهتمين الى فندق صغير أو مستوصف ،ولكن حالته من السوء مايستوجب اصلاحات مهمه ،قبل ان يصبح جاهزا للسكن .وها قد مرت سنتان ومازال اسم البيت مدونا في سجلات الوكالة ولاشك ان والدها سيسر اشد السرور حين يعلم انها استطاعت اخيرا ان تبيعه أو حتى أن تؤجره. ومالبث الغريب ان سألها:"أتستطعين أن تأخذيني في جولة في المكان؟" -نعم، بالطبع، ما رأيك في صباح الغد ؟ فلنقل في الساعه الحادية عشرة .. ثم اخرجت من درج مكتبها مذكرة وقلما بلا مبالاة, أخفت بها حماسها الشديد لإنجاز هذه الصفقه .ولم يكن ذلك بعسير على شقراء باردة مثلها ، لاسيما وأن عينيها تسبحان في بحر ازرق شاحب شديد الفتور. لكن الرجل المتشح بالسواد اجابها :"سأكون مشغولا طيلة نهار الغد فما رأيك أن تذهب الان؟" وإذا بناقوس الخطر يقرع في عقل كلير ، فما كان منها الا أن ردت بأدب يفتقر الى الود :"أنا اسفة ،هذا ليس ممكناً" فلطالما ردد والدها على مسامعها ان مرافقة ركل غريب الى منزل فارغ محفوف بالمخاطر .ولهذا حرص دائما على إرسشال شخص معها في هذه المناسبات ومنذ تقاعد صار اخوها روبن يرافقها. وروبن تلميذ في التاسعة عشرة من عمره يتابع دروسا في ادارة الاعمال في ا لمعهد التقني المحلي لكنه ضخم الجثة قوي العضلات فهو يمارس رياضة الركبي في المعهد ولطالما شعرت معه كلير بالامان - ماذا تعنين انه ليس ممكنا؟ كان سؤاله مقتضبا على نحو فظ جمد أوصالها ولكنها ردت :"يبدأ العمل هنا من التاسعه وحتى الخامسة والنصف ياسيد.." فقال بذلك الصوت العميق والغامض:"بلاك.. دنزل بلاك..هل المدير موجود؟" - انا المديرة. ولما شعرت بانه لايصدقها اضافت:"وهذه وكالتي" - لكن اللوحة على الباب تقول ان جورج سامر يدير هذه الوكالة. - هو والدي لكنه تقاعد الان تاركا لي ادارة الوكالة - فهمت واحست به يحدق فيها فيما عيناه تتألقان في هذا الظلام الباهت - حسنا يا آنسة سامر ..ان انك متزوجة؟ ترددت لبرهة وشعرت أنها لاتريد ان تفصح له عن اسمها بطريقة العناد غير مألوفة لديها ولا منطقية لكن شيئا ما فيه بدأ يزعجها ورغبت فجأة بالتخلص منه باسرع مايمكن فأجابت باختصار :"أنا كلير سامر: - اذا لست متزوجة؟ فهتفت بنبرة تكاد تكون حادة :"لا !اسمع انا اسفة ياسيد بلاك. ولكن لا وقت لدي حقا لاريك البيت الليلة" فبادل حدتها بحدة اشد:" انسه سامر ،إما انك تريدين بيع" البحيرة السوداء" وإما لا.ففي الغد سأسافر الى الخارج لاشهر عدة ،ولهذا لا أستطيع ان ارى المنزل إلا الليلة .فاختاري إما ان تصحبيني اليه حالا واما انسي المسألة برمتها" ترددت وهي تعض على شفتها السفلى .لاشك ان اباها وأخاها غير موجودين في المنزل الان، فقد ذهبا لمشاهدة مباراة في الركبي في البلدة المجاورة ولن يعودا قبل ساعتين .صحيح ان بامكانها ان تطلب من لوسي ان تلاقيها في "البحيرة السوداء" فلا بد انها عادت من عملها في هذا الوقت ،فهي تعلم في المدرسة الابتدائية المحلية وتعود الى المنزل عند الخامسة مساءً. ومالبث دنزل بلاك ان اعلن وقد عيل صبره : "هيا قرري فمحاميتي هيلين شيرارد تنتظر في السيارة وأظن انك تعرفينها " .لقد أردتها ان ترى المنزل ايضا لكن لا انوي ان اجعلها تنتظرني مدة اطول " وهنا اطلقت كلير تنهيدة حفيفة عبرت عن ارتياحها : " هيلين! نعم اعرفها طبعا حسنا سيد بلاك سأصطحبك الى "البحيرة السوداء" الان لكن لدي موعدا اخر عند السابعه ولا استطيع ان اتاخر اكثر لذا سنقوم بجولة سريعه" ثم التفتت الى خزانه الملفات وراحت أناملها تبحث عن ملف " البحيرة السوداء " وما ان وجدته حتى اخرجت مجموعه من المفاتيح من صندوق مقفل مثبت في الجدار وأقفلت الخزانه والصندوق مجددا . وقبل ان تغادر المكان اختلست النظر الى المرآه التي تزين الحائط فيما زررت معطفها الشتائي الاحمر القاتم الذي امتد الى منتصف ساقيها. في ذلك الوقت كان دنزل يراقبها فقال بتشدق: " معطفك يكاد يكون فيكتوري الطراز .. وهو يناسبك ". ولما سمعت هذا المديح التهكمي رمقته بنظرة جافة قائلة : " شكرا ً" اذاً يظن هذا الغريب انها قديمة الطراز ولا شك أنه رمي الى اهانتها لكنه لم يصب هدفه .فكلير لا تمانع في هذا الوصف البته لاسيما ان صدر من رجل مثله ولا مجال لانكار انه جذاب فعلا ، فقد شعرت كلير بقوة مغناطيسية جذبتها اليه ما ان دخل هذا المكان . لكنها تعلمت منذ زمن طويل الاتثق بالرجال لاسيما بأولئك الذين يفيضون بالجاذبية فضرب من الجنون ان تتعلق المرأه برجال دللتهم الحياة حتى افسدتهم إذ ان الامر اشبه بأن تسير بإرادتها في طريق نهايته الجراح. لذا على المرأة المتعقلة ان تترك البعد يفصل بينها وبينهم وان تعاملهم بمنتهى البرودة والجفاء.وكلير اصبحت خبيرة في ذلك الان. وحين تأكدت من أن ادراج مكتبها مقفلة التقطت حقيبتها ومظلتها، ثم تقدمت نحو دنزل بلانك .كان الظل مازال يحجب وجهه، ولكنها تبينت يدهوهي تمتد الى الباب الامامي لتفتحه لها. - علي ان اضبط جهاز الانذار ثم اقفل الابواب. - سأنتظرك عند السيارة. نظرت كلير الى السيارة السوداء الانيقة .صحيح أنها ليست مهووسة بالسيارات ،ولاتستطيع ان تتكهن طرازها، لكن المرء لا يحتاج الى خبير ليعرف أنها فاخرة وباهظة الثمن. وان استطاع دنزل بلاك أن يقتني مثل هذه السيارة فلا بد أنه قادر على شراء " البحيرة السوداء". وهذا وحده يبدد أحد الشكوك التي ساورتها عنه. وحين انتهت من مهمتها ، اتجهت نحوه لترافقه في حين لم يوققف سيل نظراته، فراح يتاملها بدءاً بشعرها الناعم القصير مرورا بساقيهاالطويلتين الرشيقتين وانتهاء بقدميها الرائعتين كانت كلير ترتدي ملابس بسيطه كلاسيكيه لا تبطل موضتها وقد اعتادت ان تختار ثيابها لا طلبا لإعجاب الرجل بل للإحساس بالراحة والهدوء وهما شعوران فارقاها تحت وطأة نظراته المليئة بالسخرية والتسلية. فمجرد خضوعا لتفحص عيني دنزل بلانك لاسيما وهي تدس رجليها الطويلتين في السيارة كفيل بأن يوقظ الرعشه في جسدها وعرفت أن هذا الرجل يشكل مصدرا حقيقيا للمشاكل. ولما أصبحت في الداخل التفتت هيلين من المقعد الامامي وابتسمت ابتسامه مهذبة ثم حيتها : "مرحبا كلير" ودت كلير لو تغتنم الفرصه فتطرح عليها بعض الاسئلة عن زبونها. لكن دنزل بلاك سرعان مادار حول السيارة ثم صعد اليها قبل ان تنبس كلير ببنت شفة. فاكتفت بابتسامه ودية وقالت : "مرحبا هلين ،كيف حالك؟ " - جيده ورغم ذلك لم تستطيع كلير الا ان تلاحظ شحوب وجهها فبشرتها التي لطالما كانت قشدية اللون ومتوردة تفتقر الليلة الى اللون. اما عيناها الخضراوان اللتان تتألقان حيويه فواهنتان ناعستان وكأنها مغرمة . وسرعان ماشاحت كلير بوجهها وقد أجفلت بنات افكراها .ترى،هل هيلين مرتبطه بعلاقة مع زبونها؟ فمنذ طلاقها من بول وهو صاحب فندق محلي مشهور وهي تنتقل من علاقة الى اخرى وما ان استقلت بنفسها حتى اصطف الرجال لارضائها. ويكفي في هذه البلدة الصغيرة المنعزلة أن تواعد المرأه اكثر من رجل في سنه واحده لتقدوا محور حديث السكان.فكيف إذا بهلين التي شوهدت برفقة عدد من الرجال منذ انفصالها عن بول ؟ لكن أيا من علاقاتها لم يعمر طويلا أو يبن على أسس متينه، ولعل ذلك يعود الى شعورها بالامان في تسلسل الاشخاص أولعلها اكتسبت ببساطه مزيجا من التهور والجموح بعد طلاقها. وتقول الشائعات إنها تشاجرت مع زوجها بعد علاقة غرامية عابرة أقامها مع نزيلة في الفندق علاقة لم تستطع أن تغفرها له قط. انطلقت السيارة ببطء أولا ثم ازدادت سرعتها مع ابتعادها عن الرصيف. وبدا واضحا أن دنزل بلاك يدرك وجهته جيدا لذا لم تضطر كلير الى ارشاده الى الطريق وما كان منها الا ان اسندت رأسها الى الوراء وراحت تراقب يديه وهما تمسكان بالمقود ولشدة ما كانت تتأملها لاحظت شعيرات سوداء خفيفة تغطيها وفجأها مزيج من الرشاقة والقوة فيهما وبعد أن فرغت من مراقبة أناملة الطويلة انتقلت الى رسغه وقد زينته ساعه ذهبية لماعه ثم عادت مجددا الى إصبعه حيث وقع نظرها على خاتم ذهبي ثمين نقش عليه شعار النباله. أما وجهه فما زال خفيا عنها لكنها تلمح شعره الاسود الكثيف واللماع كلما مروا بمصباح في الشارع وبدا معطفه من الكشمير الداكن .انيقا وغالي الثمن أيضا نعم لاشك أنه يملك الكثير من المال في ذلك الوقت كانت هيلين تهمس فس اذنه بكلمات لم تسمع كلير معظمها .لكنها سألته بصوت أجش ونبرة تحمل قدرا من الغضب :"وكم تنوي ان تبقى في الولايات المتحده؟" هز كتفيه بلا مبالاة وأجاب: " شهرا ،وربما اثنين " فردت بصوت يخالطه الاسف : " كل هذه المده؟ " وهنا قطبت كلير وهي تشعر بالحزن لأجلها وراحت تتذكر الايام التي تملكتها فيها مثل هذه المشاعر بسبب رجل .لكنها تجربة تنوي ألا تكررها ابدا ففيها من الألم ما لاتود أن تعتاد عليه مطلقا. وبعد برهة توقف دنزل بلانك قليلا بسبب زحمة السيارات واستقل الموقف ليلتفت الى كلير في الخلف ويقول: " إذا قررت أن اشتري هذه الملكية فستمثلني هيلين أثناء سفري " فردت كلير : " حسنا.. هل تعيش في غرينهاوي في الوقت الحالي ياسيد بلاك ؟ " - كلا ،بل اعيش خارج البلدة ، مع أخ هيلين وزوجته في منزلهما الجميل. وتمتمت هيلين بصوت أبح : " وهكذا التقينا ". لم تكن كلير تعرف هيلين جيدا فغالبا ماجمعتهما الاعمال وصفقات الزبائن بدل اللقاءات والزيارات الاجتماعيه كما أن هيلين تشكل جزءاً من ذلك المجتمع الراقي الذي لم تكن كلير تنتمي الية فعدا عن المال امتلكت اسرتها أراض مهمة وورث جيمي ستور بيتا ريفيا يعود الى أيام الملكه آن تحيط به أراض خصبة تبلغ مساحتها بضع مئات من الاكرات وتقع خارج بلدة غرينهاوي وفيما رعى هو شؤون المزرعة قامت زوجته بإدارة فندق يعتبر بمثابة مقر ريفي لأصحاب الأملاك والأموال وهو يضم مطعما صغيرا اكتسبت شهرة في انحاء الاقليم لأسلوبه المتميز في الطهو ،فلورا ستور طاهية ممتازة تستخدم دائما المكونات الطازجة من المزرعه مباشرة وعمل الاثنان بجد لكنهما جازفا كثيرا أيضا حتى أضحت حياتهما الاجتماعيه غنية وأصبحا محط أنظار السكان والوافدين. وبالمقابل لم تكن عائلة كلير تنتمي الى البيئة نفسها لكن ذلك لم يضايقها البته ،فلا الحفلات الصاخبة تسليها ولا النوادي الفخمة تدخل البهجة الى قلبها أما الفرق الرياضية وحفلات العشاء فلا تمت اليها بصلة بل كانت تستمتع بالسير والسباحة وهي تقضي الوقت برفقة عائلتها وعدد يسير من أصدقائها المقربين وهكذا تراها تختلف عن هيلين شيرارد اختلافا كبيرا لم يخل رغم ذلك دون تقديرها لتلك المرأة وإعجابها بأخيها وزوجته. وموخرا كان الاسف سياورها على خال هيلين فبعد طلاقها بات فيها من الكآبة ما عجزت عن إخفائه وليت الغباء لا يبلغ بها حد الوقوع في حب رجل بالكاد تعرفة !وحانت من كلير التفاته الى المرأة فوق رأس هذا الرجل واذا بها تقع على البريق في عيني دنزل بلانك الرماديتين. بدت لها حدقتاه واسعتين وكأنهما من الكهرمان الأسود الذي منح العينين لونه أما جفناه فثقيلان يحملان رموشا كثيفة. وحين أمعنت كلير النظر في المقلتين الغريبتين تحاول ان تسبر أغوارهما انسدل الجفنان فجأة ليخفيا التعبير ثم أشاح بوجهه لتتلاشى صورته بغته من المرآه. أجفلت كلير وهي تتمنى لو سنحت لها فرصة تأمل ملامحه فمهما حاولت ظل الفضول يتملكها ترى ما حقيقة مشاعره تجاه هيليت ؟ أيصطحبها الى "البحيرة السوداء" بصفتها محامية أو بحكم علاقة شخصية أكثر ؟ أيامل أن يكون هذا البيت العش الذي سيجمعهما مستقبلا ؟ لكن أنى لها من اجابات على هذه الاسئلة؟ عندئذ كانوا قد غادروا البلدة ليبلغوا الريف الاخضر الذي يشرف على هنتر هيل القريبة من غرينهاوي. فطالعهم من جهة البحر الرمادي العاصف وقد تكسرت أمواجه عند المنحدر الصخري فيما الافق يكاد يختفي تحت نور الشفق وقد مال الى السواد اما من الجهة الاخرى فمراع واسعه تسرح فيها الخراف ومستنقعات داكنة وتلال مرتفعه بدت من بعيد وكأنها حيوانات رابضة تتمطى في الافق وأصبح بامكان المرء أن يرى "البحيرةالسوداء" فكيفما حول نظرة لن يقع الا على أبراج وشرفات تعانق السماء في حصن من الطراز الفيكتوري القوطي أشبه بقصور القرون الوسطى. تمتمت هيلين:\ " يالهي! إنه مخيف " فضحك دنزل بلاك واجاب : " الا تحبينه؟ " وقطبت كلير وقد احست أن رد هيلين قلما يهمه ومه ذلك لا يعنيهاالا ان الفضول حول علاقتهما ظل يزداد تدريجيا. وانتهى بهم المطاف بعد لحظات أمام بوابة حديدية مصنوعه باتقان . فترجلت كلير من السيارة وتوجهت نحوها وهي تنتقي مفتاحا من المجموعه التي في جيبها ولما كان الصدأ قد اجتاح القفل تطلب منها الامر جهدا من ملحوظا مما دفع دنزل بلانك الى الترجل بدوره والتقدم للمساعدة. " دعيني أقوم بذلك. " زفيمتا كانت يده تمتد الى المفاتيح لامست أناملها فِأحست وكأن تيارا كهربائيا يسري فيها وما كان منها الا أن اجفلت وتراجعت قليلا الى الخلف رماها بنظرة جانبية مبطنه حتى شعرت بالاحمرار يتصاعد الى وجنتيها واستبد بها الغضب لم تصرفت على هذا النحو بحق السماء ؟ لا شك انه سيظنها واحده من المراهقات اللواتي تتورد خدودهن ما إن يقترب منهن رجل ما! وبعد ثواني دار المفتاح في القفل مصشدرا صريرا مزعجا فتقدم ودفع البوابة الى الامام. " يحتاج هذا القفل الى الزيت. " " نعم سأحرص على ان يتم ذلك في الغد . " وبمزيج من الارتباك والانزعاج استردت المفاتيح ثم عادت أدراجها الى السيارة فيما سار دنزل بلاك خلفها. وكانت الريح تزمجر وتتلاعب بأشجار بساتين " البحيرة السوداء" فاختلست النظر اليه لترى معطفه الاسود الطويل يتطاير حول رجليه وكأنه بات يملك جناحين ويستعد لللأقلاع والاختفاء خلف جناح الليل. بعدئذ انطلقت السيارة ببطء على طول الطريق المتعرجة التي تخللتها الحفر واجتاحتها النباتات والاعشاب وبين حين واخر كانت أرانب برية لم يظهر منها غلا اذنابها البيضاء القصيرة تعترض سبيلهم. كان كم الصعب عليهم ان يتبينو البستان فعلا لكن كلير تعلم ان نباتات الوردية والغار تنتشرش اكواما على ناحيتي الطريق وفجأة لاح لهم طيف المزل الفارع بنوافذه المغلقة وكأن الحياة فيه معدومة ولاحظت كلير شبحا اسود يرفرف حول البرج العالي سرعان ماعرفت انه خفاش. ولما كانت تعلم ان سربا من الخفافيش يعيش على السطح تساءلت إن كان دنزل بلانك سيبدل رأيه بسببها فبعض الناس يكره الخفافيش لابل يرتاع منها لسبب لم تستطع ان تتفهمه يوما فهي ممخلوقات صغيرة جدا لاتهتم الا بالتهام الحشرات ولا تشكل اس خطر على الانسان ومع ان كلير تود لو تحتفظ بالبعض منها في كوخها ال انها قررت عدم ذكر امرها لدنزل بلانك وهنا سألها: " اليس من ناظر يتولى الاشراف على المنزل؟ " فهزت كلير رأسها نفيها واردفت : " لم يرد المالك أن يدفع ليوظف أحدا فقد انتقل للعيش في اوستراليا ولا نيه له بالعوده الى هذا المكان وكل مايرغب فيه هو بيع المنزل صحيح أنه مازال مفروشا لكن ان كنت مهتما فعلا بشرائه يمكن التخلص من المفروشات في المزاد العلني فيصبح المكان فارغا. " فرد بغموض وهو يحدق في السماء : "سنرى " ونظرت هيلين الى السماء بدورها وسرعان ماطلقت صرخه عالية : "آه..ماهذا " فأجاب دنزل بلانك بنعومه : " إنه خفاش.. وهو من النوع البني الصغيرالذي يدخل البهجة الى القلب .. كما انه بالكاد يفوق حجمه فراشة كبيرة ترى أيعقل أن أقع على سراب على السطح؟لاشك أن المساحه واسعه تحت العارضة الخشبية وهذا بالضبط مسكنها المفضل " بدا لكلير أنه يعرف الكثير عن الخفافيش وهذا يعد في صالحه .ولم تتمالك نفسها فابتسمت ورأت لبرهة عينيه القاتمتين ينعكس في المرآه. " أتحبين الخفافيش يآنسة سامر؟ " " بل أعشقها وأود أن أقتني البعض منها في منزلي ." " أتملكين منزلا خاصا؟ " فأقرت: " أقوم بتجديد كوخ ريفي قديم لايبعد عن هنا كثيرا.وأعمل على اصلاحه في كل عطلة نهاية الاسبوع.أما باقي الايام فأعيش مع عائلتي في البلدة " عندها علقت هلين وقد أبدت بعض الحماس للمرة الاولى : " أنا مهتمه بالتصميم الداخلي فهل تصممين الديكور بنفسك ياكلير؟" فأجابت كلير بجفاء: " في الوقت الحالي أقوم بإصلاح السطح ثم علي أن أكسو السقف والجدران بالجص. أما الديكور فما زال الوقت مبكرا علية. " بدت هيلين مرتاعه وهي تقول :"تتكلمين وكأن المنزل في حالة دمار شامل" فضحكت كلير وأجابت : " إنه كذلك فعلا " " ولماذا اشتريته بحق السماء؟ " فردت كلير فيما السيارة تتوقف أمام المنزل : " عدا عن ان الثمن بخس أعتبرت ذلك بمثابة تحد لقدراتي " أجابت هيلين وتعابير السخرية ترتسم على وجهها : " أنت أشجع مني إذن! " في ذلك الوقت شعرت كلير بدنزل بلاك يتفرس فيها بعمق في مرآه السيارة لكنها لم تحاول ان تلتقي بنظراته المحدقة بل انتقت مفتاح الباب الامامي الكبير وخرجت من السيارة ثم صعدت الدرجات حتى الباب. وفي هذه المرة دار المفتاح في القفل بسهولة أكبر فانفتح الباب محدثا صريرا طويلا وراحت كلير تتلمس المكان تحثا عن زر الكهرباء على جدران الرواق المكسو ة بالالواح الخشبية وأذا بالنور ينبعث فجأة من ثريا تتدلى فوق رؤوسهم فيما امتدت أمامهم قنطرة علق عليها خليط مدهش من الصور الزيتيه والمخطوطات والصور المطبوعه والصور الفوتوغرافية الموضوعه في أطر فضية فضلا عن الأسلحه والدروع ورؤوس الحيوانات التي علقت على الواح خشبية. ولما كانت الريح تعبث في الرواق سمعوا صوت باب يصفق فجأة في مكان ما في الاعلى وارتجت نوافذ المدخل الزجاجية جميعها فصرخت هيلين بصوت أشبة بالنحيب : "هذا رهيب! " ثم لفت معطفهات حولها حتى لم يبد منها الا وجهها الشاحب وأردفت : " لايمكن أن تكون جادا في نيتك شراء هذا المكان يادنزل إنه أشبه بمقبرة وليس بمنزل " كان على كلير أن تقر أن الجو بارد فعلا لسبب لا يعود الى خلو البيت أو حلول فصل الخريف بل خيل اليها أن برودة قديمه فد تغلغلت في احجار المنزل وقرميده وأن الدفء لن يحل فيه ابدا ولو اشعل المرء موقدا في كل غرفة رد دنزل وهو يفتح الباب الأول الذي يتفرع عن الرواق: " ستتكفل التدفئة المركزية بنشر الدفء فيه ولن يكون تركيبها بالمهمة الصعبة. " في هذه اللحظات بالذات استطاعت كلير أن ترى وجهه للمرة الاولى بدا صارما بفمه الواسع الجذاب وانفه القوي وعينيه الشاحبتين اللتين لا يفارقانهما البريقوشعره الاسود المتدلي حتى الصدغ باختصار كان كل من ملامحه يناقض الاخر مما يجعل وجهه موضوعا تصعب دراسته أو تحديده وفجأة تمتم وهو يتأمل حجرة الاستقبال الرئيسية : "أحب الغرف الكبيره " فوافقت كلير : " وهذه الغرفة كبيرة فعلاً " لكن هيلين تأوهت : " كبيرة؟بل إنها ضخمة " امتدت النوافذ من السقف الى الارض وعلى جانبي الغرفة وقد وضعت بقربها مقاعد وثيرة تتميز غرف المنزل كلها بسقوف عالية وقد تدلت من سقف الحجرة ثريا أخرى أضف على المكان بريق الحفلات وفي الغرفة أيضا موقد خشبي أشبه بمقدمة السفينه مكسوا بالاجر من الطراز الفكتوري تزين خلفيته الذهبية صور تذكر بالقرون الوسطى. كان الاثاث قديما وباليا بشكل عام .فالكراسي الفيكتوريه قد خسرت معظم حشوتها والستائر بدت رثه جداً فيما البسط ممزقة بالية .لكن أينما نقل المرء بصره وقع على صور وزخرفات متنوعة حفلت بها جدران هذه الغرفة تماما كالرواق بل كان فيها من الصور ما يدفع العقل الى الدوران فيجول البصر ويجول حتى يعجز عن رؤية المزيد. وهنا قال دنزل بلاك: " رائع! " لكن هيلين اشتكت: " المجموعه تناسب شاحنة النفايات! " فسأل دنزل بلاك: " أقلت إن المجموعه بأكملها ستعرض للبيع؟إن اشتريت المنزل أود ان أختار بعضا منها " " أنا واثقة من أنني استطيع تدبر ذلك. " في الواقع كانت كلير لتسعد لو تمكنت بيع جزء من المقتنيات فقط إن بعض التحف قيم لكن الاثاث بمجمله في حالة رديئه وقد يباع في المزاد لقاء سعر زهيد لاغير .ومع ان والدها اعتاد أن ينظم هذه المزادات ،الا انها كانت تمثله في المبيعات فمثل هذه الاجراءات يستغرق ساعات مما يرهق أبيهاويضطرها الى المناوبة عنه حتى نهاية المزاد ومن هنا تعلمت تقدير بعض التحف بمجرد النظر اليها وأصبحت تعرف كم من المال سيدر بيع اثاث "البحيرة السوداء" وعادت هيلين الى الشكوى وهي تلحق به الى الغرفة الاخرى فيما تطايرت حوله أوراق مصفرة تسللت من الباب الامامي المشرع : " آه ،دنزل لايمكن ان تكون جاداً فعلاً! " وقبل ان تلحق كلير بهما توجهت نحو الباب لتغلقه ولما عادت وجدتهما في رواق الخدم المعتم ،وهي غرفة طويلة ضيقة بشبابيك صغيرة زطلاء بني قاتم.وقد بدا واضحاً أن الجدران كانت في ما مضى ناصعة البياض وقد علقت عليها سلسلة من الاجراس دون فوق كل منها اسم الغرفة المناسبة.كما تدلت من السقف مجموعة من العلاقات القديمة التي تثبت اللحوم والاعشاب إضافة إلى بكرة مكسورة للغسيل فوق طاولة كبيرة يجلس عليها الخدم .وبعد ان أجالت هيلين نظرها في المكان قالت بنفور واضح: "كم هو باعث للكآبة! " فرد دنزل ،وهو يمرر إصبعه على الرفوف المغطاة بالغبار: " كل ما يحتاجه هذا المكان هو طلاء ناصع البياض، وورق جدران جميل! يبدو لي ان هذه الخزانه من عمر البيت " فأقرت كلير: "هذا صحيح وكما تلاحظ بعض هذه الاواني الخزفية الصينية نفيس فعلا ويعود معظمها الى الحقبة الفكيتورية وأظن أنها ستباع بسعر جيد في المزاد " " قد أرغب في الاحتفاظ بها كلها. " فتأوهت هيلين وقالت: " يإلهي! ستبدو وكأنك تعيش في متحف! " على الرف الاعلى من الخزانه وقعت عيناه على إناء فيه ازهار ذبلت منذ زمن فبدت مغبرة يابسة يلفها نسيج عنكبوت ارتاح عليه جسم عنكبوت محنط مخيف. حدقت هيلين فيه وقد أصيبت برعب عظيم ثم لفت معطفها حول نفسها ورمقت دنزل بلاك بنظرة مؤنبة وقالت: " وكأن المكان مسكون فلا أنفك أتخيل قيام المالكين من الموت ولا استطيع تحمل ذلك بعد الان لذا سأعود الى السيارة فأسرع قبل أن أتجمد من البرد " وهرولت مسرعه فيما كعباها يحدثان جلبة على أرضية الرواق وبعدئذ ارتفع صرير الباب ثم صفق مرجعا صدى مدويا. تمتمت كلير : " أخشى انها لاتحب المنزل " فرد دنزل بلاك متشدقاً فيما لمعت عيناه: " ولكنها لن تسكن فيه " ألن تفعل ؟ها قد ذهبت نظريتها الاولى أدراج الرياح فمن الواضح أنه لم يحضر هيلين الى هنا لترى عشها المستقبلي لكن هل تعرف هي ذلك ؟لا يبدو ذلك فهيلين تتصرف مع دنزل وكانها تمتلكه، مما دفع كليرالى الجزم ان علاقتهما تتعدى الاطار المهني. ورفعت نظرها الى دنزل بلاك فلمحت تسلية ساخرة لاذعه في عينيه البراقتين لاشك أنه كان يراقبها ويقرأ أفكارها وهذه الفكره وحدها جعلت الاحمرار الطفيف يدب في بشرتها. ومالبث ان قال : " أردت منها أن تسدي إلي نصيحة تتعلق بقيمة الملكية " فأجابته كلير على الفور: " انها صفقة رابحة لاسيما إذا أخذنا حجمة والاراضي الواسعه التي يشملها بعين الاعتبار." وما ان سكتت حتى رمقها بنظره قاسية وقال: " من الطبيعي ان تقولي هذا أليس كذلك؟ لهذا أملت أن تعطي هيلين رأيا محايدا والان هلا صعدنا الى الطابق الاعلى وألقينا نظرة على بقية المكان؟ " ولما صعدا خيل اليها أن المكان بات أكبر حجماً وأكثر فراغاً وكانت كل خطوة يخطوانها ترجع أصداءً فيما الواح الأرضية تصر تحت وقع خطواتهما ومما زاد الطين بلة أن الجو أصبح شديد البرودة. ودت كلير لو تلحق بهيلين الى الخارج لكنها ذكرت نفسها بنسبة الارباح التي ستنالها الشركة بعد بيع البيت لهذا ظلت تتبع دنزل بلاك من غرفة الى اخرى وهي تجبر نفسها على التفوه بأي تعليقات ذكية قد تثير حماسه لكنها في الحقيقة كانت تفكر في جنونه الذي يدفعه الى التفكير بشراء هذا المنزل ونظرت الى سرير عال ستائرة حمراء داكنة وبالية قبل ان تتحول الى مصباح بالقرب منه عكست نوره مرآة من الطراز القزطي ذات اطار من السنديان لاشك ان هذه المرآة ستباع سريعا في المزاد العلني، فحجمها يناسب البيوت الحديثة وهي تلائم تماما النزعة الحالية للفن الحديث. واستغرقت في تأملها فتبع دنزل بلاك نظراتها وقال مباشرة: " إنها ساحرة وسأحتفظ بها بالتأكيد " فسألته بوضوح وقد تأكدت من ذوقه الرفيه : " ماذا تعمل ياسيد بلاك؟ اعني مامهنتك؟ " " في الوقت الحالي لا مهنة لي. " ثم هز الستارة وراح يراقب كيف يتطاير الغبار منها وأضاف : " لكن لا تقلقي سأدفع لك ثمن المنزل نقدا غدا ان اشتريته..فلن يشكل المال مشكلة " لكنها لم تفكر في ذلك فتابعت أسئلتها ونار فضولها لم تطفئ بعد: " وأين تعيش في الوقت الحاضر ؟أعني عدا عم أنك تقيم في فندق جيمي ستور ؟ " رمقها بنظرة فيها مزيج من السخرية والجفاء ،ثم قال: "في لوس أنجلوس" فاتسعت عيناها اشارة الى انها لم تكن تتوقع ذلك : " حقا؟لكنك لست أمريكيا اليس كذلك؟ " لقد لاحظت لكنته الغريبه لكنها متاكدة من انها ليست امريكية. " كلا لقد ولدت في اسكوتلاندا مع انني لا اذكر عنها شيئا إذ تركتها ما ان بلغت الثانية من عمري وعشت في مانشستر حتى صار عمري احدى وعشرين سنه لكن في السنوات الاخيرة من أيم المراهقة أمضيت سلسلة من العطلات الممتعة في غريناوي." " ولهذا عدت ؟ " وتراقصت نظرات التسلية في عينيه وهو يجيب : " أهذا ماتريدين معرفته؟لماذا عدت الى غرينهاوي؟ في الواقع أجابة على سؤالك لقد عشت في كالفورنيا لسنوات لاسيما في لوس انجلوس وبيفرلي هيلز " حدقت فيه وهي عاجزة عن كبت السؤال: " بفرلي هيلز؟ انت لاتعمل في مجال الافلام اليس كذلك؟ " ثم ضحكت وهي تتوقع منه أن يهز رأسه نفيا لكنه اجاب بهدوء: " بلى " فبدت كلير غير مصدقة وهي تسألة : " وماذا تفعل ؟لست ممثلا طبعا؟ " لكنه قد يكون ممثلا فعلا فشكلة وجاذبيته مناسبان تماما وبامكانهما أن تتخيلة في هذا المجال. " لقد مثلت قليلا منذ سنين مضت لكنني لعبت أدواراًثانوية إلا أنني أردت أن اكون وراء الكواليس فعملت وظائف عدة في هذا الميدان وأصبحت مصورا فوتوغرافيا ومصورا سينمائياً ومصمم مسارح اما طموحي فكان الاخراج وحققت حلمي اخيرا لكنني في الوقت الحالي بلا عمل ..فعدت الى بريطانيا لأنني أردت أن ابتعد عن السينما قليلا. " " هل اخترت غرينهاوي لان فيها ذكريات لم تعرفها في اسكوتلاندا؟ " فأوما وأجاب : " كانت لي ذكريات جميلة في غرينهاوي كأيام الصيف على شاطيء البحر والنزهات قرب المستنقعات وقد سلمني وكل سفر كتيب عن فندق جيمي ستور ولهذا انا هنا " وأزال الغبار عن يديه بمنديل وهو يكشر قائلا: " البيت كله قذر جدا " ثم أسند ظهره الى الجدار وعيناه القاتمتان الثاقبتا النظر هائتان: " حسنا لننتقل الى حديث الاعمال آنسه سامر أنا متأكد أنك تدركين أن السعر باهظ مقارنه مع حالة المنزل فعلي ان أنفق ثروة لأقوم بالاصلاحات قبل ان انتقل اليه لكنني ساعطيك السعر الذي انا مستعد لدفعه ويمكنك أن تكلمي المالك وتعلمين النتيجة عبر هيلين لكنني لن أساوم بل ساقدم عرضا واحدا لاغير فإن رفضه لن اكلف نفسي عناء مناقشة المسألة من جديد " راحت كلير تراقبه بهدوء ثم أومأت أخيرا ً فعرض سعراً أقل بكثير مما تأمل عندئذ تحجرت عيناها الزرقاوان وقالت بفتور : "حسنا سأبلغ زبوني بعرضك لكنني أشك في أنه سيوافق على هذا الثمن البخس" اخبريني منذ متى والمنزل معروض للبيع؟ منذ سنوات عدة أليس كذلك إن المنازل الفارغة تنهار بسرعه لاسيما هذا..وبعد سنتين سينهار السقف فيما يكسر الاولاد النوافذ ويغدو البستان برياً تماماً ولن يطول الامر حتى تمسي أطلالاً ليس الا. " ومع انه محق رفضت كلير أن تقر بذلك وتمتمت بصوت بارد وبعيد: "سأكلم زبوني " واستدارت ونزلت السلالم لتخرج من المنزل ودنزل بلاك يلحق بها . في الخارج كانت العاصفة تزداد عنفاً والريح تعوي كما الذئب حول المنزل وفجأة دوى الرعد وتبعه برق قوي شق السماء وراحت انوار الثريا تومض حتى انطفأت اخيرا ليغرق المكان في ظلام دامس في ذلك الوقت كانت كلير قد وصلت الى منتصف السلم المحفور باتقان فتوقفت بغته وهي عاجزة عن الاهتداء الى طريقها في هذه العتمة المفاجئة. كان دنزل بلاك قد أصبح خلفها تماماً ولما وضع يده على كتفها احست بنفسها تطسر في الهواء. " ألديك مشعل كهربائي؟ " أجابته وصوتها يكاد لايسمع : " في السيارة " فتنهد : " لاتقلقي أستطيع أن أرى في الظلام أعطني يدك " وانزلقت أنامله من كتفيها الى ذراعها ومنها لتمسك بيدها ووردت كلير لو تسحبها بعيدا فهو يملك تأثيرا غريبا عليها لكنها لم تحبذ فكرة البقاء وحدها في العتمة .وكان عليها أن تسارع في الخروج من هنا لذا تركته يقودها على الدرجات. حين عادا الى السيارة وجدا هيلين واقفة قربها .ولما رأتهما ركضت نحوهما وتعلقت بدنزل بلاك بحالة اقرب الى الهستيريا : "لقد أنطفأت الانوار كلها ثم ومض برق رهيب ...ألم تر ذلك؟كانت العاصفة من القوة بحيث خفت أن تقلب السيارة في طريقها ثم رأيت هذا البرق وانطفأت الانوار فناديت وناديت ..ألم تسمعني ؟ كيف يمكنك أن تتركني وحدي في الخارج في مثل هذا الظلام طيلة هذا الوقت؟" فهدأ دنزل بلاك من روعها ورأسه محني فوقها : "يجب ألا تغضبي بهذا الشكل فانا أسمع قلبك وهو يخبط كالطبل! " ثم أحنى رأسه أكثر حتى ظنت كلير أنه عانقها .فأشاحت بنظرها سريعا وقد علا وجهها الاحمرار .ليتذكرا على الاقل انها موجودة !وهي بالطبع لاترغب في ان تكون شاهدة غرامهما ! أطلقت هيلين تنهيدة طويلة توحي بإرهاقها ثم احاطته بذراعيها وهمست : " آه،دنزل.. " فهدأها قائلاً: " صه..أنت بامان الان ،سنوصل الانسه سامر الى منزلها، ثم آخذك الى البيت هيا عودي الى السيارة وستصبحين بحال أفضل ماإن يغملاك الدفء " أطاعته هيلين بضعف ثم جلست في مقعدها من غير ان تضيف كلمة أخرى ولما عادت كلير بدورها الى السيارة لاحظت ان هيلين أغلقت عينيها وكأنها تكاد تغفو. وفيما ابتعدوا عن "البحيرة السوداء "سألها دنزل بلاك : " أين تعيشين يا آنسة سامر؟ " " بالقرب من المكتب في ساحة يورك لابد من أنك تعرفها ..إنها ساحة من العصر الجورجي بنيت خلف تاون هيل" " نعم أعرفها وهي تضم منازل جميلة جداً،تخضع لحماية جيدة أيضاً.وهل تعيش عائلتك هناك منذ زمن طويل؟ " " لقد ولد والدي في هذا البيت ، وعشت فيه انا طيلة حياتي ،إنه منزل مليء بالحنان.. ونحن نحبه. " " ولكنك تنوين الانتقال ما إن تنتهي الإصلاحات في كوخك ." فشرحت له كلير رغما عنها وهي تتساءل لم يطرح كل هذه الاسئلة : " أفراد الاسرة كثيرون ، واود الحصول على مكان خاص بي. " -" الديك العديد من الاخوة والاخوات؟ " فردت: "أخوان واخت وفي المنزل أربع غرف نوم فقط يشغل أبي إحداها ويحتل أخواي غرفتين أيضاً فروبن تلميذ ويحتاج الى مكان خاص للدرس ولأخي الصغير جايمي غرفة ضيقة .أما أنا وأختي فنتشارك في غرفة. " " كم عمرها ؟ " فتحركت هيلين بامتعاض: "كفى طرحا للأسئلة عليها يادنزل! تبدو وكأنك مضيف في أحد البرامج التلفزيونية " فقهقه ، ولكن كلير لاحظت أصابعه الطويلة تشتد على المقود وظهر لون أبيض طفيف عند مفاصلة .وشكت في أنه لم يعجب بالطريقة التي صدته فيها هيلين. وقاد السيارة بصمت حتى بلغوا البلدة فراح يبحث عن طريق يحيد منها عن الطريق العام .ولما وصلوا الى ساحة يورك ظهرت أمامهم المنازل التي يعود معظمها الى أوئل القرن التاسع عشر .وفي وسط الساحةانتشرت حدائق مشذبة بعنايه تحيطها شرشفات من العصر الفكتوري مطلية حديثا مما يضفي على المكان طابعا ريفياً لاسيما في الصيف حيث تزدان الاشجار بكامل أوراقها وينتشر عبق الازهار في الهواء. وسألها دنزل بلانك : "ايها بيتك؟" فتقدمت كلير لتشير اليه: "هذا هو عند مصباح الشارع ذاك الذي تنمو نباتات البهشية في حديقته" ركن السيارة عند مصباح الشارع فشكرته كلير بأدب وودعته : "سأعلم هيلين بقرار زبوني في أقرب وقت ممكن ..عمت مساءًهيلين" فتمتمت هيلن بنعاس : "عمت مساءً" وما كان من دنزل بلانك الا ان ترجل من سيارته وتقدم ليفتح باب كلير. فشكرته وهي تتجنب يده التي امتدت لتساعدها : "شكرا ً،عمت مساءً ياسيد بلاك " وقبل أن تتمكن من الهروب انفتح باب بيتها الامامي وكشف النور الاصفر في الرواق عن طيف فتاه ثم ظهر وجه يكلله شعر فضي تتميز خصلاته بالطول والنعومه. سألها وقد تبدل صوته : "من هذه؟ " فرمته كلير بنظرة عابسة، ولم تجب. وامتد بينهما صمت طويل قبل أن تبدأ الفتاة بالتقدم نحوهما. وكرر دنزل بلاك سؤاله ببطء: " أهذه أختك؟ " فاضطرت الى الاجابة بصوت فاتر : " نعم " في الواقع ،كانت تتمنى لو أن لوسي لم تخرج في هذه اللحظة فهي تشعر نحوها بالحماية الشديدة.كما انها تتمتع بحدس قوي وحدسها ينبئها الان بأن لقاء لوسي بدنزل بلاك لن تكون عواقبه حميدة. وقالت اخيرا املة أن يرحل : "عمت مساءًسيد بلاك " لكنه لم يفعل بل لازم مكانه وهو يراقب لوسي تتقدم نحوهما ببطء وقد ارتسم على وجهه هدف معين .صرت كلير على أسنانها وهي تود أن تقرأ افكاره. ولما وصلت لوسي الى دائرة الضوء عند البوابة ،توقفت ثم ارتسمت على وجهها المستدير ابتسامة أضفت عليها الاشراق . ومع انها لم تكن قد ترجت إلا ان بشرتها بدت ناعمه صافية ورائعه. كانت بشرتها تماثل بشرة كلير إلا أن الفرق بينهما شاسع.ولاغم أن كلير كانت تدرك أن سحرها يجذب الرجال إلا أن لوسي تعتبر وبكل بساطه جميلة. وبالإضافة إلى ذلك تتمتع لوسي بتألق غامض ،يعود من جهة الى بشرتها البيضاء وشعرها الطويل الذهبي المتطاير حول وجهها ،وعينيها اللتين تفوقان عيني كلير زرقة ومن جهة أخرى الى طبيعتها التي تماثل طبيعة الاطفال براءة. وأحياناً يبدو لكلير أن لوسي لم تبلغ سن النضوج بعد ربما لأن أسرتها أفرطت في تدليلها ومع ذلك لم يكن هذا يهم لأنها مفعمة بالحب والحنان وكما انها طيبة القلب وكريمة ولهذا كان القلق عليها غالباً مايتملك كلير فماذا لو جرحها رجل في يوم من الايام ؟ولهذا غمرها شعور عظيم بالارتياح لما خطبت الى شاب عرفت كلير أنه لن يدخل الحزن أبدا الى قلب اختها الصغيرة. وما إن بلغت لويس مرمى سمعهما حتى هتفت : " يالها من سيارة رائعة !انها من طراز اللمبورغيني.أليس كذلك؟" وأردفت بعد أن منحت دنزل نظرة ساحرة : " اهي لك؟ مرحباً،انا لوسي اخت كلير نحن لم نتقابل قبلاً صح؟ " فأجاب وقد لمعت حدقتاه السوداوان: " صدقيني كنت لاتذكر ذلك " واخذ اليد التي مدتها لوسي ثم انحنى ليطبع عليها قبلة فأطلقت لهاثاً مفاجئاقبل أن يضحكا معاً. " انت لست فرنسيا أليس كذلك؟ " فضحك مجددا وقال : "جدتي فرنسية أيؤخذ هذا في عين الاعتبار؟ " " بالطبع .لقد عرفت أنك تبدوا فرنسياً " عندها تمتم: "سأقضي الليل بأمكمله هنا، ان بدأت أصف كيف تبدين " فاحمرت وجنتا لوسي ثم قهقهت بحماس . أما كلير فبدت غاضبة حتى أحست بأسنانها تؤلمها ومالبثت أن قالت لدنزل بلاك بضيق: "هيلين في عجلة من امرها أتذكر؟" رمقها بنظرة جافة ثم أختلس النظر الى داخل السيارة وفي ذلك الوقت تقدمت هيلين الى النافذة وطرقت عليها بشدة وسرعان ما سمعها الجميع تنادي بنزق: " دنزل! " فلوح لها من بعيد ثم نظر الى لوسي مبتسماً وبريق عينيه القاتمتين لا يفارقه. " أخشى أنني مضطر للذهاب وسأرحل الى الولايات المتحدة غداً لأمضي فيها شهرين لكنني سأعود وحينها سنلتقي مجدداً. " ومالبث أن عاد الى سيارته فأدار المرك ثم أنطلق مخلفا وراءه هدير ناعماً. وتمتمت لوسي حالمة: "أرايت هذه السيارة..أليست رائعه؟ وهو..ماذا قال اسمه؟ دنزل ماذا ؟هذا اسم غير مألوف .فأنا لم ألتق أحداً بهذا الاسم من قبل اهو رفيقك الجديد ياكلير ؟لم تذكرية أمامي قط ! كيف تخفي السر عني؟ انه يماثل سيارته روعة .لم تقع عيناي على رجل مثلة أبداً. أين التقيت به.ولماذا هو " " مع هيلين شيرارد ؟أخبريني كل ماتعرفينه عنه" " هو ليس صديقي بل مجرد زبون وأنا بالكاد أعرفه. " حاولت كلير ألا تفقد أعصابها لكن صوتها بدا قاسياً مما دفع لوسي الى التحديق فيها بغرابة فمن غير المألوف أن تظهر كلير مثل هذا الانفعال وسرعان ما سألتها بارتياب: "ما لاأمر ؟" فأجابت كلير: "إنسي ذلك ودعينا ندخل الى البيت فالجو بارد" وتقدمت الى الامام وهي تسرع الخطى. في الواقع لم تعجبها قط الطريقة التي نظر بها دنزل بلاك الى لوسي وكأنها واحدة من ممتلكاته ومع انها بالكاد تعرف الرجل إلا انها لم تعجب به او تثق فيه اطلاقاً ورغم أملها في الحصول على حصتها من الارباح بعد إتمام الصفقة وبيع "البحيرة السوداء" الا انها تمنت ان يرفض المالك عرض دنزل بلاك عندئذ قد يرحل بعيدا ويعيش في مكان أخر فلا تضطر هي الى القلق عما يحدث لأختها في لقائهما المقبل. لن أكون ضحيته! لكن المالك قبل عرض دنزل بلاك في الحال .ولما سمع والد كلير هذه الأخبار هتف : " سنتخلص أخيرا من هذ الملكية التي لاقيمة لها! " ثم رمى ابنته بنظرة لاذعه : " لايبدو عليك السرور المفرط!أتظنين أن المشتري لن يتمكن من الدفع ؟ " فأجابت بتهكم :" كلا " ولم تكلف نفسها عناء الشرح بل توجهت الى الهاتف لتخابر هيلين شيرارد. فردت هيلين بصوت خافت يفتقر الى الحيوية،هذا إذا تجاهلنا فرحها بالخبر : "هذا رائع!سأشرف على إرسال العربون حالاُ ثم أباشر بالاجراءات". " ألا يتضمن العرض وجود تقرير مسح أراض؟ " وكان من الغريب فعلاً ألا يذكر دنزل بلاك كلمة عن ضرورة إحضار ماسح أراضي ليلقي نظرة على المنزل. " كلا لقد أكد دنزل أنه سيشتريه مهما كانت حالته وعلى كل حال سيقوم بإجراء العديد من الإصلاحات وقد أخذ ذلك بعين الاعتبار في العرض الذي قدمه. " فتمتمت كلير : "لقد عقد صفقه رابحة فعلاً " في الواقع كانت تتمنى لو يبدي اعتراضات عساها تقنع زبونها بالاحجام عن البيع مع أن ذلك سيلحق بها الخسارة .إلا أنها لاتتصرف دوما على هذه الصورة الحمقاء. " إن كان يدفع نقدا فلن يكون من الصعب إتمام الصفقة. " فردت هيلين : " أنا متأكدة من أننا لن نواجه صعوبات وسأقوم بمسح الارض بنفسي إثباتاً لسند الملكية " وما إن أنهت جملتها حتى تنهدت بصوت مسموع مما دفع بكلير الى القول : " تبدين متعبة جداً ياهيلين.. أترهقين نفسك في العمل؟ " " ليس تماماً لكن العمل يصيبني يالملل ومهنتي كما تعلمين ليست مثيرة الى هذا الحد كما انني افتقد دنزل فمع أنه لم يسافر الا منذ ايام قليلة الا انها تبدو لي اشهراً. " وفيما كانت كلير تصغي اليها راحت تعبث بالختم الموجود فوق المكتب بعبوس : "والى متى سيبقى في الخارج؟ " " آه سيتغيب شهرين على الاقل وهو يرجو أن يعود في عيد الميلاد .لكن يبدو أنه غير متأكد من ذلك. " فأجابت كلير بلا مبالاة : " ياللأسف ..حسنا دعيني احصل على العربون ،وسأترك زبوني يتصل بمحاميه أيضاً الى اللقاء ياهيلين اتوقع أن أكلمك قريباً " وبعد يومين تقريباً التقت هيلين في "هاي ستريت" وصعقت لشحوب وجهها : " لقد فقدت الكثير من الوزن ياهيلين أظن يجدر بك زيارة طبيب!فلا بد أنك مريضة " فهتفت هيلين بحدة : " بالله عليك، لا داعي لكل هذا القلق فأنت تبدين كأمي ! " فقهقهت كلير وسألتها بتشدق: " آسفة ..هل سر السيد بلاك بقبول عرضه؟ " وهنا بدت ملامح هيلين أكثر حدة : " نعم هل رأيت صورته في صحف الاحد؟ " فأجابت كلير: " أنا لا أطالعها أبدا في الواقع لا املك القوة اللازمة لاقوم باي عمل صباح الاحد الا النوم حتى ساعة متأخرة أكانت صورته في الصحف حقاً؟ " " لقد نال جائزة أو ماشابه فنشرت صورة كبيرة له مع نجمة الفيلم. وهي ممثلة بارعة مثلت في العديد من المسرحيات في برودواي قبل أن تدخل مضمار السينما وهي تتميز بشعر اسود ووجه ساحر.أظن أن اسمها ديردر أو شيء من هذا القبيل وهي نصف مكسيكية ونصف إيرلندية. " فقالت كلير بعبوس : " ياله من مزيج! ومع ذلك عرفت من تقصدين .انها لا تدعى ديردر بل بيلا .لقد شاهدت فيلمها الاخير عن مصاصي الدماء، وهو لابأس به ان اردت رأيي !لكن المشاهد الاباحية كادت تحرق الشريط السينمائي الذي صورت عليه. " ردت هيلين وهي تبتسم بشحوب : " نعم هي من اقصد وهذا فيلم دنزل الاخير" فاتسعت عينا كلير اندهاشاً: " أنت تمزحين ! هو من اخرج هذا الفيلم؟ " وسرعان ما انطبعت في ذهنها فكرة جديدة عن دنزل بلاك في لم تر مشاهد حميمية بهذه الحرارة من قبل. ثم قالت هيلين بصوت أجش ووجها سكاد يقارب لون الورقة بياضاً: " ومن خلال ماأكدته الصحف هذا الاحد فإن علاقة تربطه بتلك البيلا! " وما إن فرغت من كلامها حتى استدارت وابتعدت وفجأة توقفت وإذا بها تترنح قبل أن تنهار أرضاً. اما كلير فلم تستطيع أن تمسكها وقبل ان تدرك مايحدث مالت هيلين جانباً وصدمت رأسها بعمود كهربائي. وبالطبع سرعان ماتجمع حشد من الناس فركعت كلير بجانبها بقلق وهي تنظر الى الوجه الشاحب والشعر الاسمر الأحمر الكثيف: " هيلين؟هيلين، هل انت بخير؟ " وصدح صوت من الحشد : " لقد أغمي عليها " وأكد صوت آخر: " لقد صدمت رأسها ورأيتها تفعل ذلك عمداًوهي على الارجح ثملة كما بدا لي " " اطلبوا سيارة إسعاف فعلينا أن ننقلها الى المتسشفى. " وتقدم بائع قليلاً: " لقد فعلت ذلك وستصل السيارة بين لحظة واخرى" وبدأت أهداب هيلين ترف وأخذت تطلق تنهيدات من بين شفتين تماثلان وجهها بياضاً وتناهت الى مسامع كلير الكلمة التي تفوهت بها هيلين وكادت تجزم أنها قالت : "دنزل.." لم تعرف كلير هل تأسف لأجلها أم تغضب منها أو ربما يجدر بها ان تغضب من دنزل بلاك وما لبثت ان فكرت وهي تنظر الى المرأة الاخرى بكآبة ، ان اي امرأه تصل الى هذا الحال بسبب رجل تستحق صفعه قوية . وسرعان ماوصلت سيارة الاسعاف ، وقد ارتفع صوت صفارتها عندئذ تفرق الحشد ليفسحوا المجال للمسعفين. ولما وصلوا الى المصابة تفحصوها وسألوا : "كاذا جرى؟" فارتفع لغط عظيم من الاصوات وما كان من كلير الا ان شقت طريقها عبر الناس ببرودة وفعالية وتولت الشرح: " لقد أصيبت بإغماء وارتطم رأسها بهذا العمود الكهربائي فيما كانت تقع " خمدت الاصوات وراح الجميع يحدق فيها. وبما أنها معروفة في البلدة لم يحاول احد أن يجادلها في هذا المكان العام لكن تناهت اليها بعض التعليقات الهامسة التي ردت حالة هيلين الى الثمل. ورافقت هيلين الى المستشفى ثم اتصلت بوالدتها من غرفة الانتظار: " ستبقى في المستشفى هذه الليلة فالأطباء يريدون اجراء بعض الفحوصات ويحتمل أن تكون مصابة بفقر الدم إذ يبدو أن الكريات الحمراء في دمها منخفضة وكذلك ضغط دمها " بدت أم هيلين مرتعبة وهي امرأه حساسة وتنفعل بسهولة وكان يخيل لكلير أحيانا أنها مازالت تبكي زوجها الذي توفي منذ حوالي السنتين. ولهذا تراها في معظم الاحيان ترتدي ملابس سوداء أو رمادية والدموع لا تفارق عينيها . " آه، لا, أتظنين...أيظنون أنها..؟كما تعلمين ،توفي والدها متأثرأً بداء السرطان...." ثم توقفت عن الكلام وقد غلبتها الدموع : " كلير إذا أصاب هيلين مكروه في الواقع..أنا شديدة القلق عليها ففي الاونه الأخيرة كانت شديدة الشحوب ولا حيوية فيها إطلاقاً. وهذا ماحدث لأبيها .لطالما كان الروح التي تنبض في المكان ،وتبعث الحيوية فيه على أي حال انت يا كلير تذكرين حالها قبل الطلاق ! أعرف انكما لم تكونا صديقتين مقربتين غير أنك عرفت هيلين منذ سنوات وتعرفين انها انسانه مرحه لكنها بدأت تذبل في الشهرين الماضيين ولم يستطع الطبيب أن يتكهن مابها " ومضت في عيني كلير الزرقاوين شرارة جليدية فهي تعرف تمام المعرفة ماذا حدث لهيلين مؤخراً وتعلم أيضاً أن ما من طبيب يمكن أن يداوي جرحها وسرعان ما سالت جويس: "هلا اتصلت ببول وأعلمته بمرضها؟ " " بول؟ أتظنين أنه يجدر بي إعلامه ؟ فعلى أي حال لقد تطلقا وأعتقد انه التقى امراة اخرى الان. " " لكنهما كانا متزوجين لفترة طويلة ، وأنا متأكدة من أنه سيقلق بشأنها. " فتلعثمت جويس: " آه ..كلير,أنا ..كلير،هلا فعلت؟ سيكون من الأسهل لو اتصلت به أنت.أعني لا احب أن اتدخل ..فهيلين لن تسر بذلك وقد تغضب مني حتى.." فتنهدت كلير: " لكني بالكاد أعرفه ياجويس! " " أرجوك كلير هلا اتصلت به؟ " استسلمت كلير وقد تهجم وجهها ثم اتصلت ببول شرارد في فندقة ،فأجابتها سكرتيرته بلهاث وقد بدت شابة مغناج: " مكتب الاستاذ شيرارد آه الانسة سامر؟ هل الامر ضروري ؟في الواقع لا أعرف إن كان ..سأتحقق إن كان متفرغاً. " وبعد برهة ارتفع صوت بول : " صباح الخير ياكلير ،كيف حالك؟ " " بخير بول لكنني اتصل من المستشفى حيث ستبقى هيلين حتى صباح الغد .وقد يكون مرضها خطيراً فالأطباء غير متأكدين بعد..واعتقدت أنه يجدر بي أخبارك. فأجاب بجفاء : " ماذا تعنين بأن مرضها خطير ؟مابالها؟ " " ليست لدي أدنى فكرة يابول لكن حالتها تبدو رهيبة وفكرت فقط في أن اخبرك .كانت امها في غاية القلق لما أخبرتها كم اتمنى أن يصارحني الاطباء هنا بالحقيقة لكنهم لم يورطوا أنفسهم بتشخيص. " " الن يفعلو؟ سنرى بشأن ذلك .سأكون عندك في غضون نصف ساعه. " وما إن انهى كلامه حتى أغلق السماعة. في ذلك الوقت ، انتظرت كلير في المستشفى حتى وصل بول ووالدة هيلين في الوقت نفسه تقريباً ومن ثم توجهت الى المكتب المقفل منذ الصباح. لاحقاً اتصلت بالمستشفى تسأل عن حال هيلين ،لكنها لم تتلق أي مستجدات باستثناء أن الخطر قد زال عن المريضة التي استعادت وعيها، وستلازم غرفتها لأيام عدة .فأرسلت لها كلير باقة أزهار مرفقة ببطاقة تتمنى لها فيها الشفاء العاجل.وفي عصر اليوم التالي زارتها فوجدتها تستند الى وسائد مكدسة وهي ماتزال شاحبة فاترة الهمة. ومالبث أن تمتم : "يقول الاطباء ان بوسعي مغادرة المستشفى في نهاية وبعد ان اجروا الفحوصات شخصوا أنني مصابة بفقر الدم" ثم أردفت ضاحكة : "سأضطر الى شرب الدماء كما دراكولا " لكن كلير لم تضحك فقد راعها منظر هيلين من الظلال السوداء تحت عينيها الى أناملها الضعيفة واظافرها المتكسرة .لكن حمداً لله أن المرض لا يتعدى فقر الدم مما سيزيل حملا ًثقيلاً عن كاهل السيدة ستور. الا ان كلير لم تنس نظرة الألم في عيني هيلين وهي تتحدث عن دنزل بلاك وممثلته المثيرة . وعرفت أن هذا الرجل سبب المشاكل ،ومالبثت أن قالت كاذبة :"تبدين بحال افضل" فأشرقت أسارير هيلين وقالت : " أتعتقدين ذلك؟ وفقاً للاطباء، لا يجدر بي أن أعود للعمل ، بل علي أن أرتاح لأسابيع عدة لذلك فكرت في أن ألازم منزل أخي لكن بول ينصحني بالسفر بعد الميلاد وبما أنه مسافر الى مايوركا الى الشقة التي نملكها هناك فقد اقترح علي مرافقته " وعلا احمرار طفيف وجنتيها ثم نظرت الى كلير بتحد قبل ان تشيح بوجهها بعيدا وأردفت : "في الواقع كنا متزوجين لسنوات ولن يجد احد الامر غريباً " فأجابت كلير: " بالطبع لا. وأظنها فكرة رائعه " يتبع |
![]() إن قـدر الله مـع الأيـآم نتـوآآجـه تمـر مثلـك مثـل نآس(ن) يمرونـي في عيوني تصير مآتسـوى ولآ حآجـه من عقب مآكنت تسوى الناس في عيوني ![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الرؤوس السوداء وعملية تنظيفها بكل بساطه | خفايا الشوق | ~//.. حواء والاناقه GiRLs ♡ CoRnEr | 1 | 2012-04-15 03:11 PM |
لإزاله الرؤوس السوداء من الانف | هل تعانين من الحبيبات السوداء هنا الحل |وصفة 2011 | رهين الشوق | ~//.. حواء والاناقه GiRLs ♡ CoRnEr | 1 | 2010-12-22 02:56 AM |
الغابة السوداء في المانيا..!! | رهينة الشوق | ~//.. حول العالم | 3 | 2010-10-16 10:45 AM |
كيكة الغابه السوداء | ♈ Mişs HōdHōd ♈ | ~//.. مطبخ رهين الشوق | 6 | 2010-03-04 10:03 PM |