ابن التهامي
2011-01-06, 04:00 PM
{ ..
الْـغُـرْبَة هَل هي:
غُرْبَة الْزَّمَان ؟
أَم غُرْبَة الْمَكَان ؟
أَم غُرْبَة الْأَهْل ؟ أَم غُرْبَة الْوَطَن ؟
أَم غُرْبَة الْرُوْح ؟
أَم غُرْبَة الْفِكْر ؟
أَم تُرَاهَا غُرْبَة الْمَبَادِئ وَالْقِيَم ؟
أَم هِي ذَلِك كُلُّه جَمِيْعا؟
لِمَاذَا يَغْتَالُنَا الْشُّعُوْر بِالْغُرْبَة وَنَحْن بَيْن أَهْلِنَا وَأَحِبائَنا , عَلَى أَرْضِنَا وَفِي أَوْطَانِنَا؟
أَم أَنَّهَا غُرْبَة الْمَشَاعِر وَالْرُّوْح ؟
لِمَاذَا يَجْتَاح ذَلِك الْتَّصَحُّر الْرَّهِيْب أَعْمَاقِنَا وَيَغْتَال أَجْمَل مَا فِي دَوَاخِلُنَا ؟
مَاسِر ذَلِك الْجَفَاف الْقَاسِي الَّذِي يَغْمُر أَرْوَاحُنَا ؟
وَالْقَلَق الْصَّامِت الَّذِي يَدْفَعُنَا لِلْبَحْث عَن شَيْءَ
لا نَدْرِي مَا هُو؟
لِمَاذَا تَهْفُو الْنَفَس إِلَى شَيْء لَّا تَجِدْه ؟
وَيَرْنُو الْبَصَر نَحْو أُفُق لَانِهَايَة لَه؟
الْكَثِير و الْكَثِير مِن الْأَسْئِلَة وَالْتَّسَاؤُلات الَّتِي تَحْمِلُهَا
نَظَرَات تَمْتَزِج فِيْهَا الْحَيْرَة بِالْقَلَق ,
و يُعَشْعِش فِيْهَا حَزِن دَفِيْن وَأَلَم قَدِيْم مُتَجَدِّد
يَغْتَال الْكَلِمَات.
الْـــغُــــرْبــَة
هِي بَعْض ذَلِك أَو كُلِّه وَزِيَادَة عَلَيْه,
هِي جُزْء مِن تَكْوِيْنِنَا الْرُّوْحِي وَالْنَفْسِي,
تَقْطُن فِي دَوَاخِلُنَا, تَغِيْب وَتَظْهَر, وَتَنْمُو وَتُضْمِر بِقَدَر
وَعَيْنَا وَحَجَّم إِدْرَاكَنَا,
وَمَدَى قُدْرَتِنَا عَلَى الْتَّلائم مَع الْوَاقِع حَوْلِنَا,
أَو انْفِصَالِنا عَنْه.
تَزِيْد بِقَدَر مُحَاوَلَتِنَا أَن نَسْمُو بِذَوَاتِنَا , وَنَعْلُو بَقِيَمِنَا
وَمَبَادْئْنا. وَنُمَارِس إِنْسَانِيَتِنَا ؟
الْـــغُــــرْبــَة
أَن تَتَحَدَّث بِلُغَة لَا يَفْهَمُهَا أُحِبُّهُم لَنَا,
وَنَتَكَلَّم بِصَوْت لَا يَسْمَعُه أَقْرَب الْنَّاس مِنّا
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَعِيْش يَوْمِنَا دُوْن حُلُم نَنْتَظِرُه, أَو أَمَل نَتَرَقَّبُه,
بَعَدِمَا تبخّرّت أَحْلَامُنَا تَحْت وَطْأَة الْوَاقِع كَقَطَرَات نَدَى
لَامَسَّتْهَا أَشِعَّة شَمْس الْصَّبَاح , وَتَلَاشَت آَمَالَنَا
كَسَرَاب لَمْلَمَتْه شَمْس الْمَغِيْب وَرَحْل مَعَهَا.
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَبْحَث عَن جُرْعَة مَحَبَّة صَادِقَة لَم يُكَدِّر صَفْوَهَا
مَطَامِع مَادّيّة , أَو مَصَالِح شَخْصِيَّة
فَلَا نَجِد سِوَى الْجَفَاف وَقَحْط الْمَشَاعِر
فَنَطْوي عَلَى الْظَمَأ.
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَبْحَث عَن حُضْن دَافِئ يَضُمُّنَا بِحَنَان ونَشَعرعِنْدِه
بِالْأَمَان ..
فِي لَحَظَات ضَعْفَنَا وَانْكِسَارِنا
فَلَا نَلْقَى إِلَا لِسِعَة الْصَّقِيْع جُمُوْد و قَسْوَة.
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَكُوْن مُخْتَلِفِيْن فِي وَسَط قَوَالِب بَشَرِيَّة مُتَكَرِّرَة
لَا تُقْبَل إِلاصُوْرَتِهَا ,
أَن نَعِيْش الْعُمْق فِي زَمَن الْسَّطْحِيَّة وَالتَّفَاهَة.
الْـــغُــــرْبــَة
هِي ذَلِك كُلِّه , أَو بَعْضُه , أَو أَكْثَرَمِنْه بِكَثِيْر مِمَّا
يَعْتَمِل فِي دَوَاخِلُنَا ..
وَلَا نَقْوَى عَلَى الْبَوْح بِه , أَو نَجْرُؤ عَلَى الْحَدِيْث عَنْه ,
تَمْتَد لِتَغْمُر عُمْرِنَا كُلِّه !!
تَنْخَر أَعْمَاقِنَا بِصَمْت , أَو تَنْخَر لِتَسْتَوْطِن جُزْءا خَفِيّا
مِن أَرْوَاحِنَا و مَشَاعِرَنَا.
فَكُل مِنَّا يَحْمِل بُذُوْر غُرْبَتِه فِي دَاخِلِه
وَيَعِيشَهَا بِأُسْلُوبِه ..
لَكِن ذَلِك كُلِّه يَتَلَاشَى حِيْن تُلَامِس
جِبَاهَنَا الْأَرْض فِي لَحْظَة سُجُوْد مُخلِصة
لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن ..!
ذَلِك كُلِّه يَذُوْب مَع كَلِمَة ( يَا رَب )
تَخْرُج صَادِقَة مِن الْقَلْب تُعَانِقُهُا نَظَرَات مُحَلِّقَة
إِلَى الْسَّمَاء..!
مما راق لي
الْـغُـرْبَة هَل هي:
غُرْبَة الْزَّمَان ؟
أَم غُرْبَة الْمَكَان ؟
أَم غُرْبَة الْأَهْل ؟ أَم غُرْبَة الْوَطَن ؟
أَم غُرْبَة الْرُوْح ؟
أَم غُرْبَة الْفِكْر ؟
أَم تُرَاهَا غُرْبَة الْمَبَادِئ وَالْقِيَم ؟
أَم هِي ذَلِك كُلُّه جَمِيْعا؟
لِمَاذَا يَغْتَالُنَا الْشُّعُوْر بِالْغُرْبَة وَنَحْن بَيْن أَهْلِنَا وَأَحِبائَنا , عَلَى أَرْضِنَا وَفِي أَوْطَانِنَا؟
أَم أَنَّهَا غُرْبَة الْمَشَاعِر وَالْرُّوْح ؟
لِمَاذَا يَجْتَاح ذَلِك الْتَّصَحُّر الْرَّهِيْب أَعْمَاقِنَا وَيَغْتَال أَجْمَل مَا فِي دَوَاخِلُنَا ؟
مَاسِر ذَلِك الْجَفَاف الْقَاسِي الَّذِي يَغْمُر أَرْوَاحُنَا ؟
وَالْقَلَق الْصَّامِت الَّذِي يَدْفَعُنَا لِلْبَحْث عَن شَيْءَ
لا نَدْرِي مَا هُو؟
لِمَاذَا تَهْفُو الْنَفَس إِلَى شَيْء لَّا تَجِدْه ؟
وَيَرْنُو الْبَصَر نَحْو أُفُق لَانِهَايَة لَه؟
الْكَثِير و الْكَثِير مِن الْأَسْئِلَة وَالْتَّسَاؤُلات الَّتِي تَحْمِلُهَا
نَظَرَات تَمْتَزِج فِيْهَا الْحَيْرَة بِالْقَلَق ,
و يُعَشْعِش فِيْهَا حَزِن دَفِيْن وَأَلَم قَدِيْم مُتَجَدِّد
يَغْتَال الْكَلِمَات.
الْـــغُــــرْبــَة
هِي بَعْض ذَلِك أَو كُلِّه وَزِيَادَة عَلَيْه,
هِي جُزْء مِن تَكْوِيْنِنَا الْرُّوْحِي وَالْنَفْسِي,
تَقْطُن فِي دَوَاخِلُنَا, تَغِيْب وَتَظْهَر, وَتَنْمُو وَتُضْمِر بِقَدَر
وَعَيْنَا وَحَجَّم إِدْرَاكَنَا,
وَمَدَى قُدْرَتِنَا عَلَى الْتَّلائم مَع الْوَاقِع حَوْلِنَا,
أَو انْفِصَالِنا عَنْه.
تَزِيْد بِقَدَر مُحَاوَلَتِنَا أَن نَسْمُو بِذَوَاتِنَا , وَنَعْلُو بَقِيَمِنَا
وَمَبَادْئْنا. وَنُمَارِس إِنْسَانِيَتِنَا ؟
الْـــغُــــرْبــَة
أَن تَتَحَدَّث بِلُغَة لَا يَفْهَمُهَا أُحِبُّهُم لَنَا,
وَنَتَكَلَّم بِصَوْت لَا يَسْمَعُه أَقْرَب الْنَّاس مِنّا
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَعِيْش يَوْمِنَا دُوْن حُلُم نَنْتَظِرُه, أَو أَمَل نَتَرَقَّبُه,
بَعَدِمَا تبخّرّت أَحْلَامُنَا تَحْت وَطْأَة الْوَاقِع كَقَطَرَات نَدَى
لَامَسَّتْهَا أَشِعَّة شَمْس الْصَّبَاح , وَتَلَاشَت آَمَالَنَا
كَسَرَاب لَمْلَمَتْه شَمْس الْمَغِيْب وَرَحْل مَعَهَا.
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَبْحَث عَن جُرْعَة مَحَبَّة صَادِقَة لَم يُكَدِّر صَفْوَهَا
مَطَامِع مَادّيّة , أَو مَصَالِح شَخْصِيَّة
فَلَا نَجِد سِوَى الْجَفَاف وَقَحْط الْمَشَاعِر
فَنَطْوي عَلَى الْظَمَأ.
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَبْحَث عَن حُضْن دَافِئ يَضُمُّنَا بِحَنَان ونَشَعرعِنْدِه
بِالْأَمَان ..
فِي لَحَظَات ضَعْفَنَا وَانْكِسَارِنا
فَلَا نَلْقَى إِلَا لِسِعَة الْصَّقِيْع جُمُوْد و قَسْوَة.
الْـــغُــــرْبــَة
أَن نَكُوْن مُخْتَلِفِيْن فِي وَسَط قَوَالِب بَشَرِيَّة مُتَكَرِّرَة
لَا تُقْبَل إِلاصُوْرَتِهَا ,
أَن نَعِيْش الْعُمْق فِي زَمَن الْسَّطْحِيَّة وَالتَّفَاهَة.
الْـــغُــــرْبــَة
هِي ذَلِك كُلِّه , أَو بَعْضُه , أَو أَكْثَرَمِنْه بِكَثِيْر مِمَّا
يَعْتَمِل فِي دَوَاخِلُنَا ..
وَلَا نَقْوَى عَلَى الْبَوْح بِه , أَو نَجْرُؤ عَلَى الْحَدِيْث عَنْه ,
تَمْتَد لِتَغْمُر عُمْرِنَا كُلِّه !!
تَنْخَر أَعْمَاقِنَا بِصَمْت , أَو تَنْخَر لِتَسْتَوْطِن جُزْءا خَفِيّا
مِن أَرْوَاحِنَا و مَشَاعِرَنَا.
فَكُل مِنَّا يَحْمِل بُذُوْر غُرْبَتِه فِي دَاخِلِه
وَيَعِيشَهَا بِأُسْلُوبِه ..
لَكِن ذَلِك كُلِّه يَتَلَاشَى حِيْن تُلَامِس
جِبَاهَنَا الْأَرْض فِي لَحْظَة سُجُوْد مُخلِصة
لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن ..!
ذَلِك كُلِّه يَذُوْب مَع كَلِمَة ( يَا رَب )
تَخْرُج صَادِقَة مِن الْقَلْب تُعَانِقُهُا نَظَرَات مُحَلِّقَة
إِلَى الْسَّمَاء..!
مما راق لي