عاشقة الدموع
2009-01-12, 08:20 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
خاطرة حلوة ... لابن الجوزي رحمه الله
رأيت المعافى لا يعرف قدر العافية إلا في المرض كما لا يعرف شكر الإطلاق إلا في الحبس .
و تأملت على الآدمي حاله عجيبة ، و هو أن تكون معه إمرأة لا بأس بها ، إلا أن قلبه لا يتعلق بمحبتها تعلقاً يلتذ به .
و لذلك سببان : أحدهما : أن تكون غير غاية في الحسن . و الثاني : أن كل مملوك مكروه ، و النفس تطلب ما لا تقدر عليه .
فتراه يضح و يشتهي شيئاً يحبه أو امرأة يعشقها ، و لا يدري أنه إنما يطلب قيداً وثيقاً ، يمنع القلب من التصرف في أمور الآخرة ، أو في أي علم أو عمل و يخبطه في تصريف الدنيا ، فيبقى ذلك العاشق أسير المعشوق ، همه كله معه .
فالعجب لمطلق يؤثر القيد ، و مستريح يؤثر التعب .
فإن كانت تلك المرأة تحتاج أن تحفظ ، فالويل له لا قرار ، و لا سكون .
و إن كانت من المتبرجات اللواتي لا يؤمن فسادهن ، فذاك هلاكه بمرة .
فلا هو إن نام يلتذ بنومه ، ولا إن خرج من الدار يأمن من محنه .
و إن كانت تريد نفقة واسعة و ليس له ، فكم يدخل مدخل سوء لأجلها .
و إن كانت تؤثر الجماع و قد علت سنة ، فذاك الهلاك العظيم .
و إن كانت تبغضه فما بقيت من أسباب تلفه بقية ، فيكون هذا ساعياً في تلف نفسه ، كما قال القائل :
نحب القدود و نهوى الحدود و نعلم أنا نحب المنوناً
و هذا على الحقيقة كعابد صنم .
فليتق الله من عنده إمرأة لا بأس بها ، و ليعرض عن حديث النفس و مناها فما له منتهى .
و لو حصل له غرضه كما يريد ، وقع الملل و طلب ثالثه .
ثم يقع الملل و يطلب رابعة ، و ما لهذا آخر .
إنما يفيده ذلك في العاجلة تعلق قلبه و أسر لبه فيبقى كالمبهوت .
فكره كله في تحصيل ما يريد محبوبه ، فإن جرت فرقة أو آفة ، فتلك الحسرات الدائمة إن يبقى أو التلف عاجلاً .
و أين المستحسن المصون الدين القنوع المحب لمن يحبه هذا أقل من الكبريت الأحمر .
فلينظر في تحصيل ما يجمع معظم الهم ، و لا يلتفت إلى سواد الهوى و غاية المنى ، يسلم .
منقول// من كتاب صيد الخاطر // لابن الجوزي رحمه الله
خاطرة حلوة ... لابن الجوزي رحمه الله
رأيت المعافى لا يعرف قدر العافية إلا في المرض كما لا يعرف شكر الإطلاق إلا في الحبس .
و تأملت على الآدمي حاله عجيبة ، و هو أن تكون معه إمرأة لا بأس بها ، إلا أن قلبه لا يتعلق بمحبتها تعلقاً يلتذ به .
و لذلك سببان : أحدهما : أن تكون غير غاية في الحسن . و الثاني : أن كل مملوك مكروه ، و النفس تطلب ما لا تقدر عليه .
فتراه يضح و يشتهي شيئاً يحبه أو امرأة يعشقها ، و لا يدري أنه إنما يطلب قيداً وثيقاً ، يمنع القلب من التصرف في أمور الآخرة ، أو في أي علم أو عمل و يخبطه في تصريف الدنيا ، فيبقى ذلك العاشق أسير المعشوق ، همه كله معه .
فالعجب لمطلق يؤثر القيد ، و مستريح يؤثر التعب .
فإن كانت تلك المرأة تحتاج أن تحفظ ، فالويل له لا قرار ، و لا سكون .
و إن كانت من المتبرجات اللواتي لا يؤمن فسادهن ، فذاك هلاكه بمرة .
فلا هو إن نام يلتذ بنومه ، ولا إن خرج من الدار يأمن من محنه .
و إن كانت تريد نفقة واسعة و ليس له ، فكم يدخل مدخل سوء لأجلها .
و إن كانت تؤثر الجماع و قد علت سنة ، فذاك الهلاك العظيم .
و إن كانت تبغضه فما بقيت من أسباب تلفه بقية ، فيكون هذا ساعياً في تلف نفسه ، كما قال القائل :
نحب القدود و نهوى الحدود و نعلم أنا نحب المنوناً
و هذا على الحقيقة كعابد صنم .
فليتق الله من عنده إمرأة لا بأس بها ، و ليعرض عن حديث النفس و مناها فما له منتهى .
و لو حصل له غرضه كما يريد ، وقع الملل و طلب ثالثه .
ثم يقع الملل و يطلب رابعة ، و ما لهذا آخر .
إنما يفيده ذلك في العاجلة تعلق قلبه و أسر لبه فيبقى كالمبهوت .
فكره كله في تحصيل ما يريد محبوبه ، فإن جرت فرقة أو آفة ، فتلك الحسرات الدائمة إن يبقى أو التلف عاجلاً .
و أين المستحسن المصون الدين القنوع المحب لمن يحبه هذا أقل من الكبريت الأحمر .
فلينظر في تحصيل ما يجمع معظم الهم ، و لا يلتفت إلى سواد الهوى و غاية المنى ، يسلم .
منقول// من كتاب صيد الخاطر // لابن الجوزي رحمه الله