رهين الشوق
2010-06-28, 06:09 AM
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
نازك صادق الملائكة (بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 23 آب - أغسطس ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 1922 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])- القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 20 حزيران - يونيو ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 2007 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])) شاعرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) من العراق ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])، ولدت في بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في بيئة ثقافية وتخرجت من دار المعلمين العالية عام 1944 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]). دخلت معهد الفنون الجميلة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D 8%A9) وتخرجت من قسم الموسيقى عام 1949، وفي عام 1959 حصلت على شهادة ماجستير ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في الأدب المقارن من جامعة وسكنسن ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %88%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%B3%D9%86&action=edit&redlink=1)أمريكا ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9) وعينت أستاذة في جامعة بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%AF) وجامعة البصرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B5%D8%B1%D8%A9) ثم جامعة الكويت ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D9%88%D9%8A%D8%AA). عاشت في القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) منذ 1990 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في عزلة إختيارية وتوفيت بها في 20 يونيو ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 2007 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) عن عمر يناهز 85 عاما[1] ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9#cite_note--0) بسبب إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية و دفنت في مقبرة خاصة للعائلة غرب القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])[2] ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9#cite_note-1). في
يعتقد الكثيرون أن نازك الملائكة هي أول من كتبت الشعر الحر ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في عام 1947 ويعتبر البعض قصيدتها المسماة الكوليرا من أوائل الشعر الحر في الأدب ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) العربي، ولكن في الطبعة الخامسة من كتابها قضايا الشعر المعاصر تراجعت نازك الملائكة عن كون العراق ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) هو مصدر الشعر الحر، وأقرت بأن قصيدتها الكوليرا (1947) لم تكن الشعر الحر الأول بل هنالك من سبقها بذلك منذ عام 1932. وقد بدات الملائكة في كتابة الشعر الحر في فترة زمينة مقاربة جدا للشاعر بدر شاكر السياب ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%A8).
حياتها
ولدت نازك الملائكة في بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) لأسرة مثقفة ، و حيث كانت والدتها سلمى عبدالرزاق تنشر الشعر ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو "أم نزار الملائكة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %B1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8% A9&action=edit&redlink=1)" أما أبوها صادق الملائكة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9&action=edit&redlink=1) فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا. و قد اختار والدها اسم نازك تيمنا بالثائرة السورية نازك العابد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %84%D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%AF&action=edit&redlink=1)، التي قادت الثوار السورين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة. درست نازك الملائكة اللغة العربية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9) و تخرجت عام 1944 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) م ثم انتقلت إلى دراسة الموسيقى ثم درست اللغات اللاتينية و الإنجليزية و الفرنسية في الولايات المتحدة الأمريكية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D 9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9). ثم أنتقلت للتدريس في جامعة بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%AF) ثم جامعة البصرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B5%D8%B1%D8%A9) ثم جامعة الكويت ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D9%88%D9%8A%D8%AA). وأنتقلت للعيش في بيروت ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) لمدة عام واحد ثم سافرت عام 1990 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) على خلفية حرب الخليج الثانية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%AC_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9)ا لقاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) حيث توفيت, حصلت نازك على جائزة البابطين عام 1996 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).كما أقامت دار الأوبرا المصرية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1%D8%A7_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D 8%A9) يوم 26 مايو/أيار 1999 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1) في الوطن العربي ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1%D8%A8%D9%8A) و الذي لم تحضره بسبب المرض و حضر عوضاً عنها زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة. ولها ابن واحد هو البراق عبدالهادي محبوبة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] 82_%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%A F%D9%8A_%D9%85%D8%AD%D8%A8%D9%88%D8%A8%D8%A9&action=edit&redlink=1). وتوفيت في صيف عام 2007م.
لقبها
الملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التاليـــة
مجموعات شعرية
أهم مجموعاتها الشعرية:
عاشقة الليل 1947 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]),نشر في بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]), و هو أول أعمالها التي تم نشرها.
شظايا الرماد 1949 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
قرارة الموجة 1957 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
شجرة القمر 1968 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
ويغير ألوانه البحر 1970 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
مأساة الحياة واغنية للانسان 1977 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
الصلاة و الثورة 1978 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
من مرثية للإنسان
أيّ غبن أن يذبل الكائن الحيّ
ويذوي شبابه الفينان ثم يمضي به محّبوه جثما
نا جفته الآمال والألحان وينيمونه على الشوك والصخ
ر وتحت التراب والأحجار ويعودون تاركين بقايا
ه لدنيا خفيّة الأسرار هو والوحدة المريرة والظل
مة في قبره المخيف الرهيب تحت حكم الديدان والشوك والرم
ل وأيدي الفناء والتعذيب وهو من كان أمس يضحك جذلا
ن ويشدو مع النسيم البليل يجمع الزهر كلّ يوم ويلهو
عند شط الغدير بين النخيل ذلك الميت الذي حملوه
جثّة لا تحسّ نحو القبور كان قلبا بالأمس تملأه الرغ
بة والشوق بين عطر الزهور كان قلبا له طموح فماذا
ترك الموت من طموح الحياة يا لحزن المسكين لم تبق أحلا
م سوى ظلمة البلى والممات
مؤلفاتها
ونازك الملائكة إلى جانب كونها شاعرة رائدة فإنها ناقدة متميزة، وقد صدر لها
قضايا الشعر الحديث ،عام 1962 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
التجزيئية في المجتمع العربي ،عام 1974 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) و هي دراسة في علم الاجتماع.
سايكولوجية الشعر, عام 1992 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
الصومعة و الشرفة الحمراء.
كما صدر لها في القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) مجموعة قصصية عنوانها "الشمس التي وراء القمة" عام 1997 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
شجرة القمر
1
على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ
وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ
وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ
وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ
هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ
إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ
ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ
ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ
وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ
وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ
وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ
ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ
وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ
يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ
ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ
وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ
وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ
على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ
وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا
أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى
2
وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ
خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ
وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ
وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ
وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ
وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ
وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ
ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ
وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما
على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما
... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ
وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ
وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ
بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ
وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ
أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمرْ?
وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ
وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ
3
وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ
وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر?!"
"وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا?"
"وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا?"
ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!"
فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ"
"مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا"
"وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا"
"مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ"
"وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ"
"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ"
"ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ"
"ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر?"
"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ?"
ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ
فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ
وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ
ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ
وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ
ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ"
وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ
إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ
وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ
وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ
وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ
ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ
وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ?"
فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ?"
4
وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ
ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك?"
وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ
فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ
وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ
ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ
ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ
وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ
ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ
ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور
وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ?
ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين?
وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ
وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ?
ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ
تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ
وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ
ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ?
وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ
بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ
5
وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ
وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ
تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ
فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ!
فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ
وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ
جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ
وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ
ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ
وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ
وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ?
ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ?
وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ
عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ?
أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ
وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ?
أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ?
وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ?
أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها
سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها
لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ
وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي
6
وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ
يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ
يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ
يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ
ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ
ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ
وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ
يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ
وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ
فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!
هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ
تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ
هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ
جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ
رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ
وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ
وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ
وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ
وأثمارها? أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ
لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ
وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ
فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ
فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ? أيّ تُرْبهْ
سقتْها الجمالَ المفضَّضَ? أي ينابيعَ عذْبَهْ?
وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ
جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ
7
ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون
حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون
وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ
وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ
وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ
وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ
يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ
وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ
وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ
يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ
خمس أغان للألم
1
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ
نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا
ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ
ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا
رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ
ينبِضُ في قلبنا
( * )( * )( * )( * )
فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ
عن دَرْبنا مَرّهْ
يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ
يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ
ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ
2
مِن أينَ يأتينا الأَلمْ?
من أَينَ يأتينا?
آخَى رؤانا من قِدَمْ
ورَعى قوافينا
( * )( * )( * )( * )
أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ
وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ
لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ
ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ
ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا
أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا
( * )( * )( * )( * )
ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ
أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ
ماذا توقّعناهُ فيها? غبطةٌ ورِضًا قريرْ
لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ
وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ
إنّا نحبّك يا ألمْ
( * )( * )( * )( * )
من أينَ يأتينا الألم?
من أين يأتينا?
آخى رؤانا من قِدَمْ
ورَعَى قوافينا
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ
يحيا ويَسْقينا
3
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ?
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ?
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ?
( * )( * )( * )( * )
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ?
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ
( * )( * )( * )( * )
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ?
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ?
( * )( * )( * )( * )
هذا الصغيرُ... إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ
عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ
يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ
دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ
( * )( * )( * )( * )
يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ
تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ
وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ
إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ
4
كيف ننسىَ الألَمْ
كيف ننساهُ?
من يُضيءُ لنا
ليلَ ذكراهُ?
سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ
وسنقفو شُرودَ خُطَاه
وإذا نِمنا كان هيكلُهُ
هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ
( * )( * )( * )( * )
وملامحُهُ هي أوّلَ ما
سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ
وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما
حملتنا المُنى والجراحْ
( * )( * )( * )( * )
سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ
بين أشواقنا والقَمَرْ
بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ
بين أعيننا والنَّظَرْ
( * )( * )( * )( * )
وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى
والأسَى في مآقينا
وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى
من ضلوع أغانينا
( * )( * )( * )( * )
وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ
ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر
وسيهبِطُ واديَنَا النسيان
يا أسانا, مساءَ الخَيْرْ!
( * )( * )( * )( * )
سوف ننسى الألم
سوف ننساهُ
إنّنا بالرضا
قد سقيناهُ
5
نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا
وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا
يا هَوانا يا ألَمْ
ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا
ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا
بابليَّاتِ النَّغَمْ
( * )( * )( * )( * )
نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ
ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ
والدموع المُحرِقهْ
نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ
وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ
بشفاهٍ مُطْبَقَهْ
( * )( * )( * )( * )
نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ:
بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ
وورودٌ فَرِحَهْ
ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ
وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ
وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ
( * )( * )( * )( * )
أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني
يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ, يا نبْعَ معانِ
يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ
يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه
نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ
من أغانينا الكئيبهْ
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
نازك صادق الملائكة (بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 23 آب - أغسطس ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 1922 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])- القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 20 حزيران - يونيو ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 2007 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])) شاعرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) من العراق ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])، ولدت في بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في بيئة ثقافية وتخرجت من دار المعلمين العالية عام 1944 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]). دخلت معهد الفنون الجميلة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D 8%A9) وتخرجت من قسم الموسيقى عام 1949، وفي عام 1959 حصلت على شهادة ماجستير ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في الأدب المقارن من جامعة وسكنسن ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %88%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%B3%D9%86&action=edit&redlink=1)أمريكا ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9) وعينت أستاذة في جامعة بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%AF) وجامعة البصرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B5%D8%B1%D8%A9) ثم جامعة الكويت ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D9%88%D9%8A%D8%AA). عاشت في القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) منذ 1990 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في عزلة إختيارية وتوفيت بها في 20 يونيو ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) 2007 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) عن عمر يناهز 85 عاما[1] ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9#cite_note--0) بسبب إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية و دفنت في مقبرة خاصة للعائلة غرب القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])[2] ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9#cite_note-1). في
يعتقد الكثيرون أن نازك الملائكة هي أول من كتبت الشعر الحر ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في عام 1947 ويعتبر البعض قصيدتها المسماة الكوليرا من أوائل الشعر الحر في الأدب ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) العربي، ولكن في الطبعة الخامسة من كتابها قضايا الشعر المعاصر تراجعت نازك الملائكة عن كون العراق ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) هو مصدر الشعر الحر، وأقرت بأن قصيدتها الكوليرا (1947) لم تكن الشعر الحر الأول بل هنالك من سبقها بذلك منذ عام 1932. وقد بدات الملائكة في كتابة الشعر الحر في فترة زمينة مقاربة جدا للشاعر بدر شاكر السياب ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%A8).
حياتها
ولدت نازك الملائكة في بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) لأسرة مثقفة ، و حيث كانت والدتها سلمى عبدالرزاق تنشر الشعر ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو "أم نزار الملائكة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %B1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8% A9&action=edit&redlink=1)" أما أبوها صادق الملائكة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9&action=edit&redlink=1) فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا. و قد اختار والدها اسم نازك تيمنا بالثائرة السورية نازك العابد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] %84%D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%AF&action=edit&redlink=1)، التي قادت الثوار السورين في مواجهة جيش الاحتلال الفرنسي في العام الذي ولدت فيه الشاعرة. درست نازك الملائكة اللغة العربية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9) و تخرجت عام 1944 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) م ثم انتقلت إلى دراسة الموسيقى ثم درست اللغات اللاتينية و الإنجليزية و الفرنسية في الولايات المتحدة الأمريكية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D 9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9). ثم أنتقلت للتدريس في جامعة بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%A7%D8%AF) ثم جامعة البصرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B5%D8%B1%D8%A9) ثم جامعة الكويت ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D9%88%D9%8A%D8%AA). وأنتقلت للعيش في بيروت ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) لمدة عام واحد ثم سافرت عام 1990 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) على خلفية حرب الخليج الثانية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%AC_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9)ا لقاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) حيث توفيت, حصلت نازك على جائزة البابطين عام 1996 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).كما أقامت دار الأوبرا المصرية ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1%D8%A7_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D 8%A9) يوم 26 مايو/أيار 1999 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن على انطلاقة الشعر الحر ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1) في الوطن العربي ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] D8%B1%D8%A8%D9%8A) و الذي لم تحضره بسبب المرض و حضر عوضاً عنها زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة. ولها ابن واحد هو البراق عبدالهادي محبوبة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] 82_%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%A F%D9%8A_%D9%85%D8%AD%D8%A8%D9%88%D8%A8%D8%A9&action=edit&redlink=1). وتوفيت في صيف عام 2007م.
لقبها
الملائكة لقب أطلقه على عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التاليـــة
مجموعات شعرية
أهم مجموعاتها الشعرية:
عاشقة الليل 1947 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]),نشر في بغداد ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]), و هو أول أعمالها التي تم نشرها.
شظايا الرماد 1949 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
قرارة الموجة 1957 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
شجرة القمر 1968 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
ويغير ألوانه البحر 1970 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
مأساة الحياة واغنية للانسان 1977 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
الصلاة و الثورة 1978 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
من مرثية للإنسان
أيّ غبن أن يذبل الكائن الحيّ
ويذوي شبابه الفينان ثم يمضي به محّبوه جثما
نا جفته الآمال والألحان وينيمونه على الشوك والصخ
ر وتحت التراب والأحجار ويعودون تاركين بقايا
ه لدنيا خفيّة الأسرار هو والوحدة المريرة والظل
مة في قبره المخيف الرهيب تحت حكم الديدان والشوك والرم
ل وأيدي الفناء والتعذيب وهو من كان أمس يضحك جذلا
ن ويشدو مع النسيم البليل يجمع الزهر كلّ يوم ويلهو
عند شط الغدير بين النخيل ذلك الميت الذي حملوه
جثّة لا تحسّ نحو القبور كان قلبا بالأمس تملأه الرغ
بة والشوق بين عطر الزهور كان قلبا له طموح فماذا
ترك الموت من طموح الحياة يا لحزن المسكين لم تبق أحلا
م سوى ظلمة البلى والممات
مؤلفاتها
ونازك الملائكة إلى جانب كونها شاعرة رائدة فإنها ناقدة متميزة، وقد صدر لها
قضايا الشعر الحديث ،عام 1962 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
التجزيئية في المجتمع العربي ،عام 1974 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) و هي دراسة في علم الاجتماع.
سايكولوجية الشعر, عام 1992 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
الصومعة و الشرفة الحمراء.
كما صدر لها في القاهرة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]) مجموعة قصصية عنوانها "الشمس التي وراء القمة" عام 1997 ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]).
شجرة القمر
1
على قمّةٍ من جبال الشمال كَسَاها الصَّنَوْبَرْ
وغلّفها أفُقٌ مُخْمليٌّ وجوٌّ مُعَنْبَر ْ
وترسو الفراشاتُ عند ذُرَاها لتقضي المَسَاءْ
وعند ينابيعها تستحمّ نجومُ السَّمَاءْ
هنالكَ كان يعيشُ غلامٌ بعيدُ الخيالْ
إذا جاعَ يأكلُ ضوءَ النجومِ ولونَ الجبالْ
ويشربُ عطْرَ الصنوبرِ والياسمين الخَضِلْ
ويملأ أفكارَهُ من شَذَى الزنبقِ المُنْفعلْ
وكان غلامًا غريبَ الرؤى غامض الذكرياتْ
وكان يطارد عطر الرُّبَى وصَدَى الأغنياتْ
وكانت خلاصةُ أحلامِهِ أن يصيدَ القَمَرْ
ويودعَهُ قفصًا من ندًى وشذًى وزَهَرْ
وكان يقضِّي المساءَ يحوك الشباكَ ويَحْلُمْ
يوسّدُهُ عُشُبٌ باردٌ عند نبع مغمغِمْ
ويسْهَرُ يرمُقُ وادي المساء ووجْهَ القَمَرْ
وقد عكستْهُ مياهُ غديرٍ بَرُودٍ عَطِرْ
وما كان يغفو إذا لم يَمُرّ الضياءُ اللذيذ
على شَفَتيهِ ويسقيهِ إغماءَ كأسِ نبيذْ
وما كان يشربُ من منبع الماء إلاّ إذا
أراق الهلالُ عليه غلائلَ سكرى الشَّذَى
2
وفي ذات صيفٍ تسلّل هذا الغلامُ مساءْ
خفيفَ الخُطَى, عاريَ القدمين, مَشُوقَ الدماءْ
وسار وئيدًا وئيدًا إلى قمَّةٍ شاهقهْ
وخبّأ هيكلَهُ في حِمَى دَوْحةٍ باسقهْ
وراح يعُدّ الثواني بقلبٍ يدُقّ يدُقّ
وينتظرُ القَمَرَ العذْبَ والليلُ نشوانُ طَلْقُ
وفي لحظةٍ رَفَعَ الشَّرْقُ أستارَهُ المُعْتمهْ
ولاحَ الجبينُ اللجينيّ والفتنةُ المُلْهِمهْ
وكان قريبًا ولم يَرَ صيّادَنا الباسما
على التلِّ فانسابَ يذرَعُ أفْقَ الدُّجَى حالما
... وطوّقَهُ العاشقُ الجبليّ ومسّ جبينَهْ
وقبّلَ أهْدابَهُ الذائباتِ شذًى وليونهْ
وعاد به: ببحارِ الضِّياءِ, بكأس النعومهْ
بتلك الشفاهِ التي شَغَلتْ كل رؤيا قديمهْ
وأخفاه في كُوخه لا يَمَلّ إليه النَّظَرْ
أذلكَ حُلْمٌ? وكيف وقد صاد.. صادَ القَمرْ?
وأرقَدَه في مهادٍ عبيريّةِ الرّوْنقِ
وكلّلَهُ بالأغاني, بعيْنيهِ, بالزّنْبقِ
3
وفي القريةِ الجبليّةِ, في حَلَقات السّمَرْ
وفي كلّ حقلٍ تَنَادَى المنادون: "أين القمر?!"
"وأين أشعّتُهُ المُخْمليّةُ في مَرْجنا?"
"وأين غلائلُهُ السُّحُبيّة في حقلنا?"
ونادت صبايا الجبالِ جميعًا "نُريدُ القَمَرْ!"
فردّدتِ القُنَنُ السامقاتُ: "نُريدُ القَمَرْ"
"مُسامِرُنا الذهبيّ وساقي صدى زَهْرنا"
"وساكبُ عطر السنابِل والورد في شَعْرنا"
"مُقَبّلُ كلّ الجِراح وساقي شفاه الورودْ"
"وناقلُ شوقِ الفَرَاشِ لينبوعِ ماءٍ بَرودْ"
"يضيءُ الطريقَ إلى كلّ حُلْمٍ بعيدِ القَرَارْ"
"ويُنْمي جدائلَنا ويُريقُ عليها النُّضَارْ"
"ومن أينَ تبرُدُ أهدابُنا إن فَقَدْنا القَمَر?"
"ومَنْ ذا يرقّقُ ألحاننا? مَن يغذّي السّمَرْ?"
ولحنُ الرعاةِ تردّدَ في وحشةٍ مضنيهْ
فضجّتْ برَجْعِ النشيدِ العرائشُ والأوديهْ
وثاروا وساروا إلى حيثُ يسكُنُ ذاكَ الغُلامْ
ودقّوا على البابِ في ثورةٍ ولَظًى واضطرامْ
وجُنّوا جُنُونًا ولم يَبْقَ فوق المَرَاقي حَجَرْ
ولا صخرةٌ لم يُعيدا الصُّرَاخَ: "نُريدُ القَمَرْ"
وطاف الصّدَى بجناحَيْهِ حول الجبالِ وطارْ
إلى عَرَباتِ النجومِ وحيثُ ينامُ النّهَارْ
وأشرَبَ من نارِهِ كلّ كأسٍ لزهرةِ فُلِّ
وأيقَظَ كلّ عبيرٍ غريبٍ وقَطْرةِ طلِّ
وجَمّعَ مِن سَكَراتِ الطبيعةِ صوتَ احتجاجْ
ترددَ عند عريش الغلامِ وراء السياجْ
وهزَّ السكونَ وصاحَ: "لماذا سَرَقْت القَمَرْ?"
فجُنّ المَسَاءُ ونادى: "وأينَ خَبَأْتَ القَمَرْ?"
4
وفي الكوخِ كان الغلامُ يضُمّ الأسيرَ الضحوكْ
ويُمْطرُهُ بالدموع ويَصْرُخُ: "لن يأخذوك?"
وكان هُتَافُ الرّعاةِ يشُقّ إليهِ السكونْ
فيسقُطُ من روحه في هُوًى من أسًى وجنونْ
وراح يغنّي لملهِمه في جَوًى وانْفعالْ
ويخلطُ بالدَّمْع والملح ترنيمَهُ للجمالْ
ولكنّ صوتَ الجماهيرِ زادَ جُنونًا وثورهْ
وعاد يقلِّبُ حُلْمَ الغلامِ على حدِّ شفرهْ
ويهبطُ في سَمْعه كالرّصاص ثقيلَ المرورْ
ويهدمُ ما شيّدتْهُ خيالاتُهُ من قصور
وأين سيهرُبُ? أين يخبّئ هذا الجبينْ?
ويحميهِ من سَوْرة الشَّوْقِ في أعين الصائدين?
وفي أيّ شيء يلفّ أشعَّتَهُ يا سَمَاءْ
وأضواؤه تتحدّى المخابئَ في كبرياءْ?
ومرّتْ دقائقُ منفعِلاتٌ وقلبُ الغُلامْ
تمزِّقُهُ مُدْيةُ الشكِّ في حَيْرةٍ وظلامْ
وجاء بفأسٍ وراح يشقّ الثَّرَى في ضَجَرْ
ليدفِنَ هذا الأسيرَ الجميلَ, وأينَ المفرْ?
وراحَ يودِّعُهُ في اختناقٍ ويغسِلُ لونهْ
بأدمعِه ويصُبّ على حظِّهِ ألفَ لعنَهْ
5
وحينَ استطاعَ الرّعاةُ المُلحّون هدْمَ الجدارْ
وتحطيمَ بوّابةِ الكوخ في تَعَبٍ وانبهارْ
تدفّقَ تيّارهم في هياجٍ عنيفٍ ونقمهْ
فماذا رأوا? أيّ يأسٍ عميق وأيّة صَدْمَهْ!
فلا شيءَ في الكوخ غيرَ السكون وغيرَ الظُّلَمْ
وأمّا الغُلامُ فقد نام مستَغْرَقًا في حُلُمْ
جدائلُهُ الشُّقْرُ مُنْسدلاتٌ على كَتِفَيهِ
وطيفُ ابتسامٍ تلكّأ يَحلُمُ في شفتيهِ
ووجهٌ كأنَّ أبولونَ شرّبَهُ بالوضاءهْ
وإغفاءةٌ هي سرّ الصَّفاءِ ومعنى البراءهْ
وحار الرُّعاةُ أيسرقُ هذا البريءُ القَمَرْ?
ألم يُخطِئوا الاتّهام ترى? ثمّ... أينَ القَمَرْ?
وعادوا حَيارى لأكواخهم يسألونَ الظلامْ
عن القَمَر العبقريّ أتاهَ وراءَ الغمامْ?
أم اختطفتْهُ السَّعالي وأخفتْهُ خلفَ الغيومْ
وراحتْ تكسّرُهُ لتغذّي ضياءَ النجومْ?
أمِ ابتلعَ البحرُ جبهتَهُ البضّةَ الزنبقيّهْ?
وأخفاهُ في قلعةٍ من لآلئ بيضٍ نقيّهْ?
أم الريحُ لم يُبْقِ طولُ التنقّلِ من خُفِّها
سوى مِزَقٍ خَلِقاتٍ فأخفتْهُ في كهفها
لتَصْنَعَ خُفّينِ من جِلْدِهِ اللّين اللَّبَنيّ
وأشرطةً من سَناهُ لهيكلها الزنبقي
6
وجاء الصباحُ بَليلَ الخُطَى قمريّ البرُودْ
يتوّجُ جَبْهَتَهُ الغَسَقيَّةَ عِقْدُ ورُودْ
يجوبُ الفضاءَ وفي كفّه دورقٌ من جَمالْ
يرُشّ الندى والبُرودةَ والضوءَ فوق الجبالْ
ومرَّ على طَرَفَيْ قدمَيْه بكوخ الغُلامْ
ورشَّ عليه الضياءَ وقَطْرَ النَّدى والسَّلامْ
وراح يسيرُ لينجز أعمالَهُ في السُُّفُوحْ
يوزِّعُ ألوانَهُ ويُشِيعُ الرِّضا والوضوحْ
وهبَّ الغلامُ مِنَ النوم منتعشًا في انتشاءْ
فماذا رأى? يا نَدَى! يا شَذَى! يا رؤى! يا سماءْ!
هنالكَ في الساحةِ الطُّحْلُبيَّةِ, حيثُ الصباحْ
تعوَّدَ ألاَّ يَرَى غيرَ عُشْبٍ رَعَتْهُ الرياحْ
هنالكَ كانت تقومُ وتمتدّ في الجوِّ سِدْرَهْ
جدائلُها كُسِيَتْ خُضْرةً خِصْبةَ اللون ِثَرَّهْ
رعاها المساءُ وغذَّت شذاها شِفاه القَمَرْ
وأرضَعَها ضوءُه المختفي في الترابِ العَطِرْ
وأشربَ أغصانَها الناعماتِ رحيقَ شَذَاهُ
وصبَّ على لونها فضَّةً عُصِرَتْ من سَناهُ
وأثمارها? أيّ لونٍ غريبٍ وأيّ ابتكارْ
لقد حار فيها ضياءُ النجومِ وغارَ النّهارْ
وجُنّتْ بها الشَّجَراتُ المقلِّدَةُ الجامِدَهْ
فمنذ عصورٍ وأثمارُها لم تَزَلْ واحدهْ
فمن أيِّ أرضٍ خياليَّةٍ رَضَعَتْ? أيّ تُرْبهْ
سقتْها الجمالَ المفضَّضَ? أي ينابيعَ عذْبَهْ?
وأيةُ معجزةٍ لم يصِلْها خَيالُ الشَّجَرْ
جميعًا? فمن كلّ غُصْنٍ طريٍّ تَدَلَّى قَمَرْ
7
ومرَّتْ عصورٌ وما عاد أهلُ القُرى يذكرون
حياةَ الغُلامِ الغريبِ الرُّؤى العبقريِّ الجُنون
وحتى الجبالُ طوتْ سرّه وتناستْ خطاهُ
وأقمارَهُ وأناشيدَهُ واندفاعَ مُناهُ
وكيف أعادَ لأهلِ القُرى الوالهين القَمَرْ
وأطلَقَهُ في السَّماءِ كما كانَ دونَ مقرْ
يجوبُ الفضاءَ ويَنْثرُ فيه النَّدَى والبُرودهْ
وشِبْهَ ضَبابٍ تحدّر من أمسياتٍ بعيدهْ
وهَمْسًا كأصداء نبعٍ تحدّر في عمْق كهفِ
يؤكّدُ أنَّ الغلامَ وقصّتَهُ حُلْمُ صيفِ
خمس أغان للألم
1
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ
نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا
ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ
ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا
رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ
ينبِضُ في قلبنا
( * )( * )( * )( * )
فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ
عن دَرْبنا مَرّهْ
يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ
يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ
ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ
2
مِن أينَ يأتينا الأَلمْ?
من أَينَ يأتينا?
آخَى رؤانا من قِدَمْ
ورَعى قوافينا
( * )( * )( * )( * )
أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ
وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ
لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ
ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ
ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا
أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا
( * )( * )( * )( * )
ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ
أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ
ماذا توقّعناهُ فيها? غبطةٌ ورِضًا قريرْ
لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ
وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ
إنّا نحبّك يا ألمْ
( * )( * )( * )( * )
من أينَ يأتينا الألم?
من أين يأتينا?
آخى رؤانا من قِدَمْ
ورَعَى قوافينا
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ
يحيا ويَسْقينا
3
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ?
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ?
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ?
( * )( * )( * )( * )
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ?
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ
( * )( * )( * )( * )
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ?
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ?
( * )( * )( * )( * )
هذا الصغيرُ... إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ
عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ
يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ
دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ
( * )( * )( * )( * )
يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ
تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ
وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ
إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ
4
كيف ننسىَ الألَمْ
كيف ننساهُ?
من يُضيءُ لنا
ليلَ ذكراهُ?
سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ
وسنقفو شُرودَ خُطَاه
وإذا نِمنا كان هيكلُهُ
هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ
( * )( * )( * )( * )
وملامحُهُ هي أوّلَ ما
سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ
وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما
حملتنا المُنى والجراحْ
( * )( * )( * )( * )
سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ
بين أشواقنا والقَمَرْ
بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ
بين أعيننا والنَّظَرْ
( * )( * )( * )( * )
وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى
والأسَى في مآقينا
وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى
من ضلوع أغانينا
( * )( * )( * )( * )
وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ
ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر
وسيهبِطُ واديَنَا النسيان
يا أسانا, مساءَ الخَيْرْ!
( * )( * )( * )( * )
سوف ننسى الألم
سوف ننساهُ
إنّنا بالرضا
قد سقيناهُ
5
نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا
وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا
يا هَوانا يا ألَمْ
ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا
ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا
بابليَّاتِ النَّغَمْ
( * )( * )( * )( * )
نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ
ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ
والدموع المُحرِقهْ
نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ
وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ
بشفاهٍ مُطْبَقَهْ
( * )( * )( * )( * )
نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ:
بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ
وورودٌ فَرِحَهْ
ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ
وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ
وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ
( * )( * )( * )( * )
أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني
يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ, يا نبْعَ معانِ
يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ
يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه
نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ
من أغانينا الكئيبهْ