رد: أجمل ما قرأت وسمعت وشاهدت
إنَّ الايمان شوقٌ عميـقٌ من أشـواق النّفس الإنسـانيـّة ينسـاق إليـه الانسـان بباعث من فطرته.أمـَّـا الشيء الذي يحتاج إلى أناة الفكرة ورحابة الصدر وقياس كلّ حقيـقة بما يناسبها من مقاييسها وخصائصها فذلكَ هو النـَّـفاذ الى أسرار الايمـان.
وكلّ العقائد الايمانيـَّـة سواء في حاجة إلى أناة الفكر ورحابة الصدر وحسن القياس للنـَّـفاذ إلى أسرارها، ولكنَّ القيدة في عملِ الشَّيطانِ أحوج هذه العقائد جميعا إلى التَّسليم بسعةِ الحقائق وتعدُّد المقاييس التي تكتشف عن بواطنها وتنفذ إلى كُنَهِ مدلولاتها.
ومن حضرتْ في ذهنهِ سعة الحقائق وجدَ بينَ يديهِ صعوبةٌ لا صعوبةَ مثلها في رفض فكرة الشيطان كما يرفضها أدعياء العلم الذينَ لو جَرَوا على سُننهم في اثبات الأشياء لرفضوا وجود المادَّة الملموسة عجزاً منهم عن ادراك أُصُلها، وما أُصُلها إلاّ العناصر التي "تنشقّ شعــاعـاً مُتحرّكـاً في أثيــرٍ لا وزنَ لهُ ولا حجم ولا لون ولا طعم ولا تَعْرِفْ لهُ صفة واحدة من صفات الأجسام بها الأرواح".
وما نعلــم من شيءٍ كهذهِ العقائدِ في بواعثِ الخيرِ والشَّـرِّ قد تراءت فيهِ يَدُ العناية الالهيـَّة آخذةً بيمينِ هذا الانسـان الضَّـعيف - بل هذا الحيوان الجَهُول - تَقُوْدُهُ من عمايةِ الجهالة إلى هداية التَّـمييز بينَ الفضيلـة والرَّذيلـة وبينَ الحـلال والحـرام وبين المفـروض والمحظـور.
عبــَّاس محمـود العقــَّاد.
|