رد: أجمل ما قرأت وسمعت وشاهدت
الحصار ..
قصة / أحمد إبراهيم يوسف
( قاص سعودي من جزيرة فرسان / أصدر مجموعة قصصية عن نادي جازان الأدبي بعنوان ( ألسنة البحر )
"1"
الرائحة تنبىء بمقدمه.
إذا تجشأ البحر في أواخر الليل فتأكد أنه سيخرج.
"2"
صباحاً والشمس تطل برأسها على القرى , يخرجون حاملين أكياسهم المطوقة التي أعدوها خصيصاً لاصطياده.
"3"
الرجال , الأطفال , يجلسون متأهبين تحت تجاويف الجبال منتظرين مقدمه.
هل ترى شيئاً ؟ .
لا .. حتى الآن.
قال شيخ القرية:
يا شباب رؤيتكم أقوى.. امسحوا كل الجهات بحثاً عنه.
"4"
الانتظار / بحر.. الناس يبحثون عن البشارة في كل الجهات.
قال أحدهم :
إن أتى .. نغني له الأغنيات .
قال آخر : وتحتفل بمقدمه العرائس.
رد ثالث : وتملأ العرضات ساحات القرى.
قال رابع : وبالرايات نستقبله.
"5"
لا أظنه سيخرج اليوم همس أحد الجالسين لآخر:
انتظرناه طويلاً وهذا موسمه فلننتظر قليلاً لا بد من خروجه.
أخشى أن يحاصروه في الجهة المقابلة.
"6"
ازداد لغط الناس مع طول الانتظار , تناثرت الأصوات تحت الجبل:
كفاكم انتظارا لن يخرج اليوم.
ما أقصر صبرك.
كنا نمشي إليه على أرجلنا كل هذه الطرق الواخزة.
وكان يأتي بشوشاً يشبع كل البسطاء الواقفين على الشاطئ احتفالاً بمقدمه.
صاح أحدهم :
انظروا.
هناك حيث أتطلع.
هل تراه قريباً ؟
سيجيء إلينا.
صاح شيخ القرية :
استعدوا له.
"7"
قريباً على الشاطئ كان يسبح بهدوء , بينما الصيادون نصبوا شباكهم حوله على شكل نصف دائرة ثم وقفوا يحرسونها.
نادى شيخ القرية الجالسين على الشاطئ :
لا تدخلوا حتى أعطيكم إشارة , كلنا سنأكل.. كل واحد منا حتى الذي سيخرج كيسه مملوءاً بالتراب المبتل سيأكل.. والآن هاتوا الكُسُب.. أسرعوا أحضروا الكُسُب.
"8"
انتشر الناس كباراً وشباباً وأطفالا فوق الساحة المحيطة بالشاطئ.. يقتلعون أشجاراً صغيرة الحجم قصيرة الأوراق يجمعونها حزماً ثم يحملونها فوق أكتافهم وظهورهم ثم يضعونها خلف الشباك حتى حاصروه بساتر من الشباك وأشجار الكُسُب صاح شيخ القرية حين تم الحصار:
الضــــــــــويني.
فركض الناس في المساحة الفاصلة بين البحر والشاطئ ركضوا فوق الأرض الزلقة المسننة.. ركضوا حفاة منتشين.
|