قصة , ذلك المساء لعبد المحسن يوسف
كنت واقفاً على رصيف الشارع المقابل للمؤسسة التي أعمل بها ... أنتظر ، في ذلك المساء المبكر ، سيارة أجرة ، كي تنقلني إلى البيت . تعبت من الانتظار ... ولم تبد في الأفق سيارة أجرة ! . في ذلك الحين ، خرجت سيارة صغيرة أنيقة من بوابة المؤسسة ... عندما رآني قائدها ... اقترب مني وتوقف ... فتح زجاج النافذة اليمين ... وألقى عليّ التحية مغسولة بابتسامة مضيئة ... وإذا بي أعرفه ... إنه زميل من الزملاء الذي ألتقيه في ممرات المؤسسة الكبيرة ... فنتبادل التحية سريعا ، ويمضي كل منا إلى حيث مشاغله ...
قال لي إلى أين ؟
قلت إلى البيت ...
قال اركب ...
ركبت ... وفيما هو يمضي بسيارته ، قال : (( طريقك هو طريقي ... أنا ذاهب إلى مكة ، وأريد أن اصطحب معي صديقا لنشاهد هناك مباراة في كرة القدم ... بيت الصديق على طريقنا ... سأقله معي ... ومن ثم نوصلك إلى بيتك ... ونكمل – أنا وصديقي – طريقنا إلى حيث الإثارة والحماس والمتعة .
وسألني بأدب : ألا تريد أن تكون ثالثنا ؟ .
اعتذرت ... عندما بلغنا بيت صديق زميلي ، أطلق هذا الأخير لمنبه سيارته العنان ... لحظات قليلة ... وإذ بصديق زميلي ينزل من شقته متأنقا ، ويبدو سعيدا ومرحا ... فتح باب السيارة الخلفي ... وقيما كان يجلس مد لي يده مصافحا وكانت ابتسامة جميلة تشع في وجهه ، وتولى صديقنا المشترك مهمة التعريف .
مضت بنا السيارة ... وبعد دقائق طلب صديق زميلي منه أن يعرج على محل لبيع أشرطة الفيديو ... وقال بمرح : سأشتري أفلاما ومسرحيات (( كوميدية )) لكي تسليني بعد عودتي من المباراة ... أردف : لن أتأخر ... فأنا حريص على ألا تفوتني أي لحظة من وقت المباراة ...
فتح باب السيارة ، وخرج مسرعا يقصد ذلك المحل ... في هذه الأثناء ، سألني صديقنا المشترك :
هل لا حضت شيئا على صديقي ؟ هززت رأسي نافيا ...
قال سأسر لك بخبر صغير ...
قلت بلهفة : أخبرني ... ما الأمر ؟!
مال علي ، قليلا ، وقال :
صديقي هذا شاب ضرير ... ضرير .
لم أعلق بشيء ...
لأن دهشة عميقة كانت قد أغرقتني تماما ...